على أرض تعود لعائلة سالم في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، أقام النائب المتطرف في الكنيست إيتمار بن غفير خيمة له واعتبرها مكتبا له، بعدما اقتحم الحي قبل أيام برفقة عدد من المتطرفين أمثاله بحماية قوات الاحتلال.
ومنذ تلك اللحظة لم يهدأ حي الشيخ جراح، فلا تزال المواجهات مشتعلة وتزداد بين المقدسيين والمتضامنين معهم من جهة وبين المستوطنين وشرطة الاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى، ما أدى إلى إصابة واعتقال العشرات من الفلسطينيين والمتضامنين معهم.
كل ذلك يأتي في ظل الحملة الشرسة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي وحكومته المتطرفة ضد سكان حي الشيخ جراح ويحاولون بكل الطرق والوسائل طردهم منها، فسابقًا لم ينجحوا بالترغيب عبر محاولة شراء البيوت والعقارات بواسطة مستثمرين وسماسرة، وبالأمس القريب حاولوا عبر المحاكم العنصرية التي اتخذت قرارا بتهجير العائلات، غير أن المقاومة في قطاع غزة كانت لهم بالمرصاد، فخاضت معركة سيف القدس نصرة لأهالي الشيخ جراح.
هذه المعركة ونتائجها لم تغب عن أنظار المسؤولين الإسرائيليين الذين يرغبون بإخلاء منازل المقدسيين لإكمال مشاريعهم الاستيطانية، لكنهم يخشون في الوقت نفسه من تصاعد المواجهات وانتقال شرارتها إلى قطاع غزة، كما حدث في مايو الماضي، ولذلك تحاول الحكومة الإسرائيلية -على استحياء- أن تمنع تدهور الأوضاع.
أما المتطرف بن غفير فلم يعجبه تردد المسؤولين الإسرائيليين في السيطرة على منازل وممتلكات المقدسيين لصالح المشاريع الاستيطانية، وحاول أن يأخذ زمام مبادرة التطرف -كعادته- وأعلن أنه لن يهدأ له بال ولن يترك الحي حتى تقوم الشرطة بحماية منزل أسرة يهودية تعرض للحرق الجمعة الماضي، وقال متعجرفا: "نحن أصحاب المكان هنا في القدس"، في إشارة إلى أن المقدسيين هم دخلاء على حي الشيخ جراح.
غير أن تصرفات "عدو العرب والفلسطينيين" كما يسمي نفسه، ألّبت عليه مسؤولي الحكومة الإسرائيلية فقال عنه نفتالي بينيت: "لسنا بحاجة إلى محرضين يأتون ويشعلون الشيخ جراح لأغراض سياسية"، في حين نقلت القناة “12” عن مصدر أمني إسرائيلي لم تسمه قوله: “سلوك بن غفير خطير، يمكن أن يُشعل المنطقة، ليس فقط في القدس والضفة الغربية، ولكن أيضا في غزة. إذا كان هناك شيء واحد يوحّد كل المنظمات (الفلسطينية)، فهو القدس، مضيفا أنه سلوك غير مسؤول وخطير، وسيكون مسؤولا عن التبعات”.
وعليه، فقد حاول مسؤولون إسرائيليون إقناع بن غفير أن يفكك خيمته و"يقصر الشر" غير أنها لم تفلح فأُصدرت الأوامر لشرطة الاحتلال أن تخلي النائب المتطرف بالقوة واندلعت اشتباكات بينهم وبين المتطرفين اليهود وبن غفير نفسه الذي قاوم حتى أغمي عليه ونُقل للمستشفى، ولم يكتف بذلك بل عاد في اليوم التالي للخيمة متحديًا الحكومة الأمر الذي اضطرها لفتح دفاتره القديمة وأجرت معه تحقيقا على خلفية رفع سلاحه على حراس في تل أبيب قبل أشهر.
هذه التطورات وضعت الحكومة الإسرائيلية في مأزق كبير وباتت تخشى على نفسها من التفكك والانهيار قبل أن تكمل مدتها، فمن جهة تسعى لأن تكمل المشاريع الاستيطانية لتطبق أجنداتها الصهيونية و لترضي الأحزاب اليمينية ومستوطنيها المتطرفين، ومن جهة أخرى تخشى من تطور الأحداث في القدس لتشعل شرارة مواجهة في غزة والأراضي الفلسطينية قد تكون أشرس من الأولى.
فقد سبق أن أقدم بن غفير على مثل هذه الاستفزازات، قبل تسعة أشهر، وأدت إلى اندلاع مواجهات في القدس المحتلة، قبل أيام قليلة من اندلاع معركة سيف القدس في مايو/أيار الماضي.