جرائم اغتيالات السلطة عديدة حسب مراكز حقوق الإنسان في فلسطين، ولكن جريمة اغتيال نزار بنات ليست كغيرها من الجرائم التي ارتكبها رجال عباس. الجريمة بشعة جدا؛ لأنها كانت تتعمد القتل مع سبق الإصرار، ولأنها تمت بتنسيق وتعاون مع الأمن الإسرائيلي، الذي سهل لرجال عباس من المخابرات والأمن الوقائي الوصول للضحية وهو في منطقة (ج) التي يحظر على الأمن الفلسطيني دخولها أو الوجود فيها. (إسرائيل) تعاونت بالتسليم، كما تتعاون السلطة معهم في تسليم المناضلين. خدمات القتل والاعتقال خدمات متبادلة، لذا كان التنسيق الأمني عند عباس مقدسا.
جريمة ليست كغيرها؛ لأن الاعتقال والتصفية الجسدية كانا بقرار سيادي شارك فيه كما تقول مصادر إعلامية: حسين الشيخ في تنسيق عملية الاعتقال مع الاحتلال، وماجد فرج الذي هدد بتعرية من يعري السلطة، ورجال الأمن الوقائي، مثل أبو حلاوة وغيره، وجل المصادر الإعلامية تقول إن عملية التصفية أخذت موافقة عباس شخصيا.
كل المؤسسات الحقوقية الغربية تطالب عباس بتوضيح ملابسات جريمة اغتيال الناشط السياسي المعارض نزار بنات.
عباس وماجد والشيخ، وبقية الشلة، لم يتوقعوا ردود الأفعال المحلية والدولية على اغتيال بنات بعيد اعتقاله بساعات معدودة. ردود الأفعال الداخلية تطالب بالقصاص ممن قتل وشارك في القتل، ومحاكمة كل من شارك في قرار الاعتقال ثم الاغتيال. وعائلة بنات ترفض لجنة (التزوير/ التحقيق) التي تشكلت برئاسة وزير العدل، لأنها لجنة استهدفت التغطية على الفاعلين، ولفلفة القضية.
المؤسسات الحقوقية الغربية عبرت عن فقدان ثقتها في السلطة وفي حكومة محمد اشتية؛ لأنها لم تتلقَّ تبريرا مقنعا لاغتيال بعد الاعتقال، وهي تفكر في إعادة النظر في مساعداتها المالية للسلطة. حق الإنسان في الحياة، وحقه في التعبير، من أهم ما تدافع عنه مؤسسات حقوق الإنسان الدولية. السلطة وقادتها لم يلتزموا حقوقَ الإنسان، وقتلوا مع سبق الإصرار، والحكومة لم تقدم للمجتمع عدالة مقنعة، وعليه فلا ثقة للشعب بها، ولا ثقة للغرب بها أيضا.
نزار بنات فكرة قبل أن يكون شخصا. نزار سياسي متحرر من وزر المصالح، تمكن في حياته من خلال فيديوهات قصيرة أن يحاصر رجال السلطة، وأن يعري الخبثاء منهم، وعند استشهاده حاصرهم أكثر، من خلال الانتشار السريع لتسجيلاته، التي حظيت بأعلى المشاهدات عالميا ومحليا.
الفكرة لا تموت. الرجل يموت، والأفكار تبقى حية لا يدركها الموت، بل هي بموت قائلها تحيا أكثر حياة جديدة، ومن الغباء الدال على قصر نظر وضعف في التفكير والقيادة أن يلجأ من سيطروا على السلطة وأجهزتها وحكومتها إلى الاغتيال والقتل لإسكات صوت معارض، أو وأد فكرة ناقدة للفساد. الفكرة يا أغبياء الوطن لا تموت، واسألوا التاريخ.