أسبوع على ارتكاب جريمة الاغتيال السياسي للناشط والمعارض الفلسطيني للسلطة في رام الله المرحوم نزار بنات، وما زالت السلطة تحاول حرف الأنظار عن الجريمة، والتغطية عليها، وإعلان تقرير يفتقد للحد الأدنى من معايير الشفافية والمحاسبة، وضمان ملاحقة المنفذين.
جريمة اغتيال نزار وليدة نظام سياسي وقضائي وتنفيذي يستند في تركيبته إلى شخص رئيس السلطة محمود عباس الذي يسيطر على السلطات الثلاث، ويوظفها على مدار 15 عامًا لخدمته، وضمان سلامة المحيطين به، والمقربين له.
نزار لم يُقتَل في ظروف طبيعية، بل ظروف هُيِّئت في الضفة الغربية للتخلص من كل من يعارض عباس والمسؤولين هناك، والتخلص منهم بالاعتقال والملاحقة والتشويه والتعذيب والقتل، وهي ظروف متراكمة يعانيها المجتمع ويدفع ثمنها.
ما كان يقوله نزار هو توصيف دقيق لواقع فلسطيني يلمسه ويعيشه كل فلسطيني ومتابع، ووضع له الأنظمة والقوانين لحمايته.
نموذج واحد لذلك هو ما حدث في رام الله يوم السبت الماضي، عندما اعتُدي بالضرب والتكسير على المشاركين في مظاهرة سلمية للمطالبة بملاحقة قتلة نزار، في المقابل واجهتهم السلطة بالقبضة الحديدية، وخاصة ضد الصحفيين والصحفيات، وقدمن شهادات مرعبة عن ما تعرضن له من اعتداءات وملاحقة وسرقة وابتزاز بعد سرقة هواتفهن، ثم نشر صور ومحادثات خاصة للصحفيات وللمشاركات.
هذه الممارسات نتاج عقلية بُنيت على مدار سنوات تقوم على شرعنة ذلك، وأن ما كان يتعرض له نزار من ملاحقة وإطلاق نار وتهديدات وابتزاز هو تعبير يسير عن ما تقوم به الأجهزة الأمنية في الضفة بتوجيه مباشر من قادة الأجهزة التي تتبع مباشرة لرئيس السلطة محمود عباس.
العدالة هي المطلب المشروع في مواجهة الجريمة، وفي سبيل الوصول للحقيقة يتطلب تدخل دولي فعلي في التحقيق وتحميل المسؤولية لمن قرر تنفيذ عملية الاغتيال، ومن وفر الغطاء لذلك، ولماذا صمت القضاء على إطلاق نار على نزار وعائلته، وكذلك حرّض عليه، ومن قاد تنفيذ الجريمة، والنظام السياسي الذي وفر الغطاء للجريمة.
أقل ما يمكن تقديمه لنزار هو العدالة، في محاكمة القتلة، وضمان عدم تكرار الجريمة، وهو ما ينسحب على التحقيق في قضايا فساد تتحمل أوروبا المسؤولية عنها عبر تمويل السلطة التي تمارس القتل والإرهاب للمعارضين، وتجازف بحياة ملايين الفلسطينيين عبر صفقة لقاحات فاسدة، وهو أحد الأسباب البارزة لاتخاذ القرار باغتيال نزار بنات.