كتب الدكتور نبيل عمرو مقالا بعنوان "حماس وعضوية نادي التسوية"، والفكرة التي حاول الكاتب أن يوصلها للجمهور، أن حماس تسير على خطى منظمة التحرير الفلسطينية، وتسعى للوصول إلى تسوية مع الاحتلال الاسرائيلي، فمسيرة المنظمة بدأت بالطلقة الأولى وانتهت بمصافحة الخصم على حد تعبيره، بعد إشارات كثيرة أرسلتها المنظمة لتحقيق ذلك الهدف، واتهم حماس أنها ترسل ذات الإشارات مدعومة بـ"الانتصارات التي تحققها"، وهو شخصيا يرفض الاعتراف بأن حماس انتصرت على عدوها.
من غير المعقول ألا يميز رجل بمكانة وعقلية د.عمرو الفرق بين مساري المنظمة وحماس، وأنا على يقين تام بأن الرجل يعرف الحقائق والفوارق أكثر مما أعرف، ولكنه يتعمد تضليل الناس، ومع ذلك سأبين بما يسمح به المجال الفوارق التي أخفاها صاحبنا.
منظمة التحرير الفلسطينية انطلقت وناضلت وحققت إنجازات، ولكن وُجِّهت ضربات قاضية لها، وكان آخرها خروجها من بيروت، وأنا هنا أتحدث عن المنظمة بصفتها قوة عسكرية فاعلة ولا أتحدث عن فصائل المنظمة العاملة في الداخل الفلسطيني، الفارق الزمني بين ما يسمى "الطلقة الأولى" ومصافحة العدو تخلله الكثير من محاولات التقرب من العدو الإسرائيلي الذي رفض تقبل تلك المحاولات، ولكن انتصار الشعب الفلسطيني في انتفاضته الأولى اضطر العدو إلى فتح ذراعيه للمنظمة التي عادت إلى أرض الوطن بعد أن تخلت عن ثلاثة أرباعه، أي إن نضالات شعبنا هي من أنقذ منظمة التحرير من الفناء المبكر وليس نضالاتها.
يقول د. نبيل عمرو: "إن مقاتلي منظمة التحرير بعد معركتهم الكبرى في بيروت، تم نفيهم بالسفن والفارق -حسب قوله- أن حلف شمال الأطلسي لم يوفر السفن لمقاتلي غزة كي تحملهم إلى المنافي"، والله إن هذا الكلام غير لائق بحق المقاومة في قطاع غزة، وأعتقد أن نبيل عمرو ملزم بالاعتذار لأهلنا في غزة. معركة بيروت الكبرى انتهت بموافقة المنظمة على هدنة تتيح للمقاتلين الفلسطينيين الخروج من بيروت، ولكن في غزة لم توافق المقاومة على وقف إطلاق الصواريخ حتى يبادر الاحتلال إلى وقف إطلاق النار من جانبه، المقاومة لم تكن تنتظر أحدا لينقلها إلى المنافي، ولو استمرت المعركة لشهدنا فرارا جماعيا للمحتلين من المغتصبات المحاذية لغزة.
في مقاله وصف نبيل عمرو غزة بأنها أول أرض تقام عليها سلطة للإخوان المسلمين في الشرق الأوسط، وأنا هنا لا أريد التشكيك في نيات د. عمرو أو اتهامه بمحاولة تحريض العرب والمجتمع الدولي على قطاع غزة، ولكن هل يعقل أن يفطن صاحبنا إلى أن حماس جزء من الإخوان، ولا يفطن إلى أن جماعة الإخوان في مصر أرسلت آلاف المتطوعين إلى القدس ويافا وغيرها من المناطق الفلسطينية لمواجهة عصابات اليهود قبل اندلاع الحرب بأشهر قليله؟ ألا يعني ذلك أن العمل العسكري للإخوان في فلسطين سبق الطلقة الأولى للمنظمة بعشرين عامًا؟ ألا يعني ذلك أن مسيرة الإخوان سبقت مسيرة منظمة التحرير، ومع ذلك لم تمد يدها لمصافحة "الخصم" حسب تعبيره؟ ما لكم كيف تحكمون؟