تبدي أوساط حكومية إسرائيلية قلقها من انعكاس تعقيد المشهد الحكومي، وتناقض أوجهه، وخلافاته المتعددة، على مصالح الأمن القومي الإسرائيلي، في ظل وجود مؤيدين ومعارضين للعديد من المسائل السياسية والعسكرية.
مع العلم أن أهم مسألة عسكرية قائمة تتمثل في فكرة التحالف الدفاعي بين (إسرائيل) والولايات المتحدة، ما يطرح السؤال حول فائدة مظلة أمريكية قوية ستحمي (إسرائيل) الصغيرة، حتى هذه المسألة الحيوية لها مؤيدون ومعارضون، على الرغم من أننا لا نتحدث عن تحالف دفاعي، بل تعاون استراتيجي بينهما، وللحفاظ عليه سافر رئيس الأركان أفيف كوخافي إلى الولايات المتحدة لتعزيزه.
صحيح أن الأمن القومي يعد أحد أركان أمن دولة الاحتلال، لكن تشكيل حكومة جديدة ورئيس وزراء جديد ووزير حرب قديم-جديد، يدفع الجمهور الإسرائيلي لطرح أسئلة عديدة حول أين تتجه هذه المنظومة السياسية الجديدة، وتقدم خطوطًا أساسية لسياستها الأمنية، كي تمثل خريطة طريق وبوصلة واضحة، وأين تأخذهم في مسائل جوهرية مثل المشروع النووي الإيراني، ووجودها العسكري في سوريا والعراق، وحزب الله في الشمال، وحماس في الجنوب، والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
من أهم مفاتيح السياسة الأمنية الإسرائيلية، وعلاقتها بالأمريكان، ألا يفاجئ الحليفان بعضهما، خاصة إبلاغ كل طرف قبل شن عملية عسكرية، بما في ذلك التعاون الاستخباراتي بينهما، ومواصلة العمل معًا لمواجهة التهديدات، ولكن لا يزال من غير الواضح من سيُخطر بينهما، أو سيُطلب منه إبلاغ من بشأن العمل العسكري، ما يعني أن مثل هذه القضايا سيبقى يكتنفها الغموض، وهو مسألة متعمدة ومبررة في الوقت ذاته.
مع العلم أن الواقع العسكري أقوى من الاتفاقات الورقية، لأن نتنياهو ألغى بعض العمليات العسكرية خوفًا من رد أمريكي، وفي 2011 لم ينفذ أي عملية كبيرة ضد إيران، بسبب مخاوف من رد أمريكي، وبسبب المعارضة الداخلية القوية، وهذا يعني أن (إسرائيل) لا تطلب الإذن بالعملية، لكنها تُطلع الأمريكيين على آخر المستجدات حتى لا يتفاجؤوا.
كما أن (إسرائيل) يجب ألَّا تنسى أن الولايات المتحدة أهم شريك لها في العالم، تمدُّها بطائراتها وجزء من ترسانتها من الأسلحة، وتقدم لها المساعدة العسكرية السنوية، وتعد الصناعات الدفاعية الإسرائيلية من بين الأكثر رواجًا في العالم، لكنها تحتاج لتمويل خارجي، وهناك حاجة لمليار دولار أمريكي لتطوير مشروع أسلحة الليزر، وهذا الالتزام الرئاسي الأمريكي من الحزبين بضمان أمن (إسرائيل).
أكثر من ذلك، فإن السياسة الأمنية الإسرائيلية الجديدة تجاه غزة، تتطلب إجراء تقييم في نهاية أكثر من عقد من الجولات العسكرية وتنقيط الصواريخ باتجاه مستوطنات الغلاف، إذ يتوقع الإسرائيليون تغييرًا في السياسة في ظل الحكومة الجديدة، ولا يكفي القول بأن "قانون البالونات كقانون الصواريخ".