في السادس من رمضان سنة 853هـ الموافق 14 أغسطس سنة 1488م توفي أبو بكر ابن محمد بن محمد بن محمد بن أحمد بن عبد الخالق بن عثمان بن مزهر الأنصاري، الدمشقي الأصل، ثم المصري، القاضي كاتب السر، تقي الدين ابن القاضي كاتب السر بدر الدين، ولد سنة إحدى وثلاثين وثمانمائة، ونشأ في حجر الرياسة والعز، وسمع الحديث على جماعة، وأجاز له جمع جم، وحدث بأشياء من مروياته، وولي عدة مناصب سنية، ثم ولي كتابة السر، هو منصب والده، فأقام فيها بضعًا وعشرين سنة ولاء إلى أن انتقل إلى رحمة الله (تعالى)، وقل أن اتفق ذلك لأحد إلا لابن فضل الله العمري، فأنه أقام في هذا المنصب وكان جم المحاسن، دينًا عفيفًا نعتي العرض نعتي الجيب فاضلًا في العلم، لين الجانب، كثير التواضع، كثير البشاشة، حسن التصرف في منصبه، مساعدًا للفقير والمظلوم، كثير البر والخيرات والصدقات، بنى جامعًا تجاه بيته، وقرر فيه مدرسين للتفسير والحديث والفقه وطلبة وصوفية، وبنى رباطًا بمكة، وله غير ذلك من وجوه المعروف.
وقد أوقف المدرسة المزهرية بباب الحديد في القدس، وكان الفراغ من بنائها في سنة خمس وثمانين وثمانمائة، وحضر واقفها إلى جهة نابلس في سنة وفاته في جمادى الأولى لتجهيز الرجال لمحاربة العثمانيين، وقصد الحضور إلى بيت المقدس للزيارة ورؤية مدرسته، فحصل له توعك في رجب وتوجه إلى القاهرة، ولم يقدر حضوره إلى القدس، ومات في يوم الافتتاح، رحمه الله.