ما إن انتهت معركة سيف القدس والاحتفالات الفلسطينية بالانتصار الفلسطيني على العدو وعلى الانقسام الداخلي حين تجلت وحدة شعبنا في كل أماكن وجوده، حتى بدأت سلسلة من الأحداث غير السارة التي من شأنها إعادتنا شيئا فشيئا إلى وضع غير طبيعي، ننشغل فيه بأنفسنا ومشكلاتنا الداخلية، وننسى قضيتنا الأساسية وننسى ما حققناه من إنجازات.
أول تلك المنغصات كان الجدل بشأن من يقود، بل ويستفرد في إعادة إعمار غزة، فهناك من يدعي أنه الوصي الشرعي والوحيد والأبدي على الشعب الفلسطيني، ثم جاءت الصفقة المخجلة للقاحات فايزر الفاسدة وأصابت الشعب الفلسطيني بالصدمة، وقبل أن نخرج منها فإذا بحادثة قتل الناشط السياسي المرحوم نزار بنات، التي أشعلت الشارع الفلسطيني، وما زالت تداعياتها قائمة حتى اللحظة، وهذه ثلاثة أحداث أساسية يمكن أن تؤدي إلى تحويل الصراع إلى الداخل وحرف البوصلة عن قضيتنا الأساسية وهي صراعنا مع الاحتلال الإسرائيلي.
الصراع الداخلي لن يتكرر لأن الشعب الفلسطيني ارتقى بوعيه إلى مستوى قضيته، والرؤية اتضحت كل الوضوح بعد فشل نهج أوسلو والمفاوضات العبثية وسياسة قتل الوقت. كل قضية داخلية أو فضيحة أو شبهة جنائية ستتم معالجتها على حدة، فلا تأخذ الكل الفلسطيني بعيدا عن قضيته الأساسية وبأن يأخذ كل ذي حق حقه ويحاسب كل من تلزم محاسبته بما يتوافق مع ما اقترفه.
ولأننا لا نريد أن تتكرر الأحداث المؤسفة، ولا نريد للبوصلة أن تنحرف أكثر فأكثر فإننا نطالب الفصائل الفلسطينية كافة ودون استثناء بالتوافق على ترتيب البيت الداخلي بأسرع وقت ممكن بالطريقة التي تراها "مناسبة" ومجدية، وبالتوازي يجب عليها توحيد كلمتها لتحقيق أهداف شعبنا ومقاومته وعدم إضاعتها، حتى تلك الفصائل التي لم تشارك في الانتصار على العدو يجب عليها السعي لنيل شرف مساعدة شعبنا في تحقيق أهدافه بدلا من وضع العراقيل والعقبات التي تخدم الاحتلال الإسرائيلي ولا تخدم شعبنا، وهذه نقاط لا تغيب عن الشارع الفلسطيني فهو مثل الحكم الذي يحسب كل ما لك وكل ما عليك ليحاسبك عندما يحين وقت الحساب.