أنصح ألا تنظر إلى خصمك بعين الفجور والغضب، أنصح ألا تعرض عنه مكابرًا معاندًا، فالوقت وقت المجازاة على العمل، وهو وقت حصاد الأجور.
لا تعرض عمن خاصمك، ولا تمتنع عن مصالحته، بل بادر وكن أنت الراغب في الصفح والعفو، يقول الحق (عز وجل): "وأن تعفوا أقرب للتقوى"، ويقول: "ولا تنسوا الفضل بينكم"، لا تكن كابني آدم قتل أحدهما الآخر، وكن كابني علي، أرغم أحدهما الآخر أن يكون أفضل منه.
اختصم ابنا علي بن أبي طالب (رضي الله عنه): الحسن ومحمد ابن الحنفية، وكان الحسن بن علي من زوجته فاطمة الزهراء، بنت النبي r، وكان محمد ابن الحنفية من زوجة أخرى، ولما رجع كل منهما إلى بيته وهما على خصومتهما لم يصطلحا؛ أرسل محمد ابن الحنفية رسالة إلى أخيه يقول لها فيها: "أما بعد، فأنا وأنت ابنا علي، وفي ذلك لا فضل لأحدنا على الآخر، ولكنك ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وهذا فضل لك علي، فأنت تفضلني في أمك، وحتى يزداد فضلك هذا، وعند وصول رسالتي إليك، قم فالبس ثيابك، وانتعل نعلك، وتعالي إليّ في بيتي لتصالحني، وهذا خير لك عند الله من أن آتيك أنا فأكون خيرًا منك".
ولماذا لا تكون أنت السبّاق بالخير؟!، ولماذا تترك الأمر لنفسك الأمارة بالسوء تمنعك من العفو والصفح؟!، ألم تسمع قول النبي r: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث: يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام"؟!
لتبدأ أنت بالسلام إذًا، ولتذهب إلى خصمك، وتعلن عفوك وصفحك، وتبش في وجهه، وليكن رد فعله ما يكون، فليس المهم موقفه هو، بل المهم ما تكون أنت في ميزان الله (تعالى)، والأهم من ذلك كله هو هذا الجزاء العظيم في هذا الشهر العظيم، الذي لا يضيع فيه خير نفعله.
وتقبل الله منكم.