دعا السيد محمود عباس قبل أيام حركتي حماس وفتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة الجهاد الإسلامي إلى العودة فورًا إلى حوار جادٍّ على مدار الساعة لإنهاء الانقسام وبناء الشراكة الوطنية على كل المستويات لمواجهة التحديات والمخاطر التي تواجه شعبنا وقضيته الوطنية. نائب المكتب السياسي لحركة حماس السيد صالح العاروري أكد أن وقف الانتخابات هو السبب في تعطيل المسار الوطني الشامل المتفق عليه، إذ إن قرار وقف الانتخابات تم دون التشاور مع الشركاء أو الضامنين، ودعا العاروري عباس إلى تقديم الخيارات المناسبة لاستئناف مسار المصالحة.
نفهم مما سبق أن حركة حماس غير مقتنعة بدعوة عباس فصائل المقاومة للعودة إلى الحوار من جديد أي إلى المربع الأول، إذ إنه تم استنفاد كل الجهود الممكنة من أجل الوصول إلى نقطة التقاء مقبولة للجميع وهي الانتخابات العامة، وبما أن السبب في تعطيل الانتخابات هو عدم موافقة الاحتلال على إجرائها في القدس، فما الذي سيتغير إن عادت الفصائل للحوار ثم توصلت إلى نفس النتيجة لنصطدم مرة أخرى بعقبة الموافقة الإسرائيلية؟ وهي في الحقيقة ليست عقبة حقيقية وإنما مجرد ذريعة للتهرب من إجراء الانتخابات، ولو عدنا إلى تصريحات قيادات فتح ومنظمة التحرير لوجدناها مليئة بالحماسة والتحدي والإصرار لتحويل الانتخابات في القدس إلى معركة مع الاحتلال، حتى خيل لنا أن المعركة على وشك الاندلاع، إلى أن صدر قرار تأجيل الانتخابات فاختفى "المتحمسون" وأصيب الشعب الفلسطيني بالإحباط، ولولا انتصار المقاومة في معركة سيف القدس لكانت معنويات شعبنا الآن في الحضيض.
"لا بد من تقديم الخيارات المناسبة لاستئناف مسار المصالحة"، هذا الكلام الذي قاله العاروري يؤكد أن حركة حماس معنية بالحل ولكن بطريقة صحيحة وبخيارات مناسبة ومقبولة قابلة للتنفيذ، وخيار العودة إلى المربع الأول لا يناسبها، وكذلك اعتبار كل الاتفاقات كأنها لم تكُن لا يناسبها، والاستمرار في الدوران حول الذات لا أحد يقبله.
وهنا لا بد من التذكير بتصريحات طالما كررها قادة حركة فتح وبعض المتنفذين في المنظمة ومفادها أنه لم يعد هناك ما يتم التحاور حوله، والمطلوب التنفيذ، وهذا كلام صحيح، ولا بد من التنفيذ إما باستئناف الانتخابات من حيث توقفت ودون تأخير، وإما بإعادة تأهيل منظمة التحرير الفلسطينية كحل جذري لإنهاء الصراع الداخلي بأسرع وقت ولأطول مدة ممكنة.