المركز الفلسطيني للبحوث السياسية المسحية من أدق مراكز استطلاع الرأي في فلسطين، ومن أكثرها حيادية ومصداقية وموضوعية، المركز مقره مدينة رام الله، ولكن الحقائق العنيدة تفرض نفسها دون أن تعمل حسابًا للجغرافيا، وقد حاكى آخر استطلاع للرأي أجراه المركز الواقع الفلسطيني، وعبر بصدق عن مشاعر وقناعات الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني.
وهذه أبرز الملاحظات التي يمكن توثيقها من نتائج استطلاع الرأي:
1- يعتقد 77% من الشعب الفلسطيني أن حركة حماس قد خرجت منتصرة من الحرب الأخيرة على غزة، في حين يقول 1% فقط، لقد انتصرت (إسرائيل)، ونسبة 18% تقول لم ينتصر أحد.
ملحوظة: في الوقت الذي يقول 77% من الفلسطينيين لقد انتصرنا، يقول 24% فقط من الإسرائيليين: لقد انتصرنا، وفي الوقت الذي يقول 18% من الفلسطينيين لم ينتصر أحد، تعادل، تقول نسبة 54% من الإسرائيليين تعادل، وحين تقول نسبة 1% من الفلسطينيين لقد انتصرت (إسرائيل)، تقول نسبة 18% من الإسرائيليين: لقد انتصرت المقاومة!
2- تقول نسبة من 72% أن قرار حركة حماس بإطلاق الصواريخ على المدن الإسرائيلية قد جاء دفاعًا عن القدس والمسجد الأقصى، وأزعم أن هذا يعكس ثقة وقناعة واحترامًا للمقاومة، في حين تقول نسبة من 9% فقط، أنه جاء احتجاجًا على إلغاء الانتخابات، وبهدف إضعاف قيادة السلطة الفلسطينية، وأزعم أن هذه النسبة تمثل مجموعة فلسطينية لا تحترم المقاومة، ولا ترى بها طريقًا لتحرير فلسطين، بل تتآمر عليها.
3- تقول نسبة (89%) كان أداء شباب القدس ممتازًا في أثناء المواجهة العسكرية، وتقول نسبة (86%) كان أداء فلسطينيي الـ48 ممتازًا، وتقول نسبة (75%) كان أداء حماس ممتازًا.
لكن الملاحظ أن نسبة 13% فقط تقول: إن أداء حركة فتح كان ممتازًا، وتقول نسبة (11%) فقط: إن أداء الحكومة كان ممتازًا، والأهم من كل ما سبق، أن نسبة (8%) فقط من الشعب الفلسطيني تقول: إن أداء الرئيس عباس كان ممتازًا.
لقد حصلت حماس على نسبة 75%، وحصل السيد عباس على نسبة 8%، وهذه النسبة تنعكس على البند الرابع من الاستطلاع.
4- تقول أغلبية من 53% أن حماس هي الأكثر جدارة بتمثيل وقيادة الشعب الفلسطيني اليوم، في حين تقول نسبة من 14% فقط أن حركة فتح بقيادة الرئيس عباس هي أكثر جدارة بذلك.
الفارق لم يعد بسيطًا، الفارق يحسم نتيجة أي انتخابات قادمة، ويحاكي مزاج الفلسطينيين.
5- تقول نسبة 77% إن حركة حماس ستقصف تل أبيب بالصواريخ في حال قيام (إسرائيل) بطرد عائلات الشيخ جراح، في حين تقول نسبة 9% إن السلطة ستقدم شكوى إلى الأمم المتحدة.
إنهم بنسبة 9% من شعبنا، لم يتغيروا، ولن يغيروا مواقفهم أو قناعاتهم. تذكروا، إنهم بنسبة 9% من مجموع الشعب الفلسطيني.
6- تقول نسبة تبلغ 94% أنها تشعر بالفخر من أداء قطاع غزة في أثناء المواجهات الأخيرة مع (إسرائيل)، وهذا شعور وطني صادق وأمين، في حين تقول نسبة 6% إنها لا تشعر بذلك، وهذه نسبة غير خارجة عن الثقافة الوطنية، فيهم بلادة سياسية، وتجدهم في كل المجتمعات.
7- تقول نسبة من 65% أنها تعارض، ونسبة من 25% أنها تؤيد، قرار الرئيس عباس بتأجيل الانتخابات التشريعية والرئاسية بسبب رفض (إسرائيل) إجراءها في القدس الشرقية، وهذه النسبة تكررت في سؤال مشابه، حمل رقم 5 في مقالي، وفي ذلك تأكيد على دقة الاستطلاع.
8- تقول نسبة 72% إنها تريد إجراء انتخابات فلسطينية عامة تشريعية ورئاسية قريبًا في الأراضي الفلسطينية، في حين تقول نسبة من 25% أنها لا ترغب بذلك، وأزعم أن هذه النسب دقيقة، فكل القوائم مع الانتخابات، ولا يعارض الانتخابات إلا القائمة الخاسرة.
10- لو جرت انتخابات رئاسية اليوم، وترشح فيها اثنان فقط؛ محمود عباس أو إسماعيل هنية، سيحصل عباس على 27% من الأصوات، في حين سيحصل هنية على 59%.
فما أبعد المسافة بين من يقاومون العدو الإسرائيلي، وبين من يتعاونون معه أمنيًّا.
11- قائمة التغيير والإصلاح التابعة لحركة حماس تحصل على 41%، وفتح على 30%.
يستكمل استطلاع الرأي في جملة من القضايا، تشير نتائجها إلى النسب نفسها التي ظهرت في الجزء الذي عرضته، وفي ذلك مؤشر على تغيُّر استراتيجي في تفكير الشعب الفلسطيني، وعلى تطلعات وطنية بعيدة المدى، لم ترتقِ إليها قيادة السلطة الفلسطينية، ولن تتفق معها.