المناكفات الفصائلية عبارة عن ممارسات عبثية لاستمالة الشارع الفلسطيني وهو في حالة من الخمول واليأس وغبش في الرؤية، حينها تكون المناكفات لافتة وإن لم تكن مجدية، ولهذه المرحلة أشخاص يجيدونها قادة وسياسيون حتى نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، وهؤلاء لا نراهم عندما يحمى الوطيس بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية، وهذه نقطة أصبح يلاحظها أصغر شبل فلسطيني.
النصر المؤزر للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة أعاد الوعي والأمل في الخلاص من الاحتلال بشكل غير مسبوق للفلسطينيين في كل مكان، ولهذا أصبحت المناكفات السياسية مدعاة للسخرية، فمثلًا حين يخرج من يعد نفسه من القادة السياسيين ولم يخض أي معركة انتخابية ناجحة ليحمل المقاومة مسؤولية تعزيز الانقسام؛ يعرض نفسه للسخرية ويسمع من الشارع الفلسطيني ما يغضبه، ولو كان لديه شيء من الإحساس لما استمر في تغريده أو نعيقه المزعج والمرفوض شعبيًّا، فالشعب الفلسطيني يعيش حالة من السعادة بالنصر والفخر بمقاومته افتقدها منذ زمن بعيد، ولا يقبل العودة إلى مربع اللهو واللعب والعبث السياسي.
بعضٌ يدعي أن فشل حوار القاهرة غطى على إنجازات حققتها هبة المقدسيين والعدوان على غزة، وهذه عبارة مليئة بالأخطاء والألغام، ونحن نعتقد أن تأجيل حوار القاهرة ربما يكون دليلًا على نجاح المقاومة في تلافي أخطاء الماضي والعودة إلى مربع الحوارات العبثية، أي أن تأجيل الحوار نتج عن عدم اتفاق الفرقاء لإصرار طرف -وهو حماس- على أن يكون الحوار المرتقب حوارًا جادًّا ومثمرًا، وليس مجرد عودة إلى الخلف وإلى حوارات ومفاوضات وصفتها المقاومة برقصة العفاريت، لم يعد هناك مكان لإضاعة الوقت ولا مجال لقتل الأمل لدى شعبنا مرة أخرى.
"إنجازات حققتها هبة المقدسيين والعدوان على غزة" هي عبارة خطأ وخادعة وخبيثة، فالمقدسيون كانت لهم هبات وانتفاضات مباركة أشد من الانتفاضة الأخيرة، خاصة تلك التي تمثلت في عمليات الدعس والطعن فضلًا عن الرباط الدائم في الأقصى، لكن تلك النضالات لم توقف استفزازات المستوطنين ولم تردعهم، وكذلك العدوان الإسرائيلي على غزة لا يحمل أي إنجاز فلسطيني، أين الإنجاز في تدمير غزة وتقتيل أهلها؟! ولكن عندما نسمي الأشياء بسمياتها تتجلى الحقائق، فالعبارة الصحيحة هي: "الإنجازات التي حققتها المقاومة عند نصرتها القدس وحماية ظهر المقدسيين في انتفاضتهم وصدها العدوان عن قطاع غزة"، هذه العبارة صحيحة ولا تحمل أي تناقضات، أما التضليل واللف والدوران وعدم الاعتراف لذوي الإنجازات بإنجازاتهم فهي مجرد تهريج ومناكفة عبثية يرفضها الشارع الفلسطيني.