فلسطين أون لاين

"عمود البيت" و"سلوى الدار".. ابنا الشهيد "أبو العطا" يرثان نهجه

...
غزة/ صفاء عاشور:

هو الكبير بين إخوته، وفي مقامه ومعزته في قلوب الجميع، "عمود البيت" الذي لا غني عنه، وسلوى الدار وبهجتها، على الرغم من أنه لا يزال في الثلاثين من العمر فإن جميع من يعرفه يعتمد عليه في كل شؤون حياته.

بدءاً من والده ووالدته ثم إخوانه من الذكور والبنات مروراً بالخالات والعمات اللواتي كان لديهن نصيب كبير من المحبة والوصال، وليس انتهاء بجيرانه ومعارفه في كل مكان، فالجميع يشهد له بكل خير، ولهم معه من المواقف ما يجعلهم يحزنون على فراقه وفقدانه.

محمد كان صاحب شخصية كتومة لا تفشي سراً ولا تتحدث في مواضيع تتعلق بأي شيء في نضاله لتحرير وطنه إلا والدته التي كانت تراه عائداً بملابس مليئة بالتراب وشعر أبيض التصق الغبار به، وعندما تسأله: ما الذي حصل معه، يرد عليها ممازحاً:" تناوشت أنا وصديقي ورماني بالتراب على رأسي، ليتركها بعد أن رسم على وجهها ضحكة لا تزال تلمحها عندما تتحدث عنه".

حياة أبو العطا والدة الشهيد محمد احتضنت ابنه الكبير سعيد خلال حديثها مع صحيفة "فلسطين":" استشهاد ابني رفع رأسنا كلنا وسنربي ولديه الاثنين على نهج المقاومة التي سترد على الاحتلال الذي حرم الأطفال من ذويهم"، مؤكدةً أن دول العالم بطائراتها وصواريخها لم تقدر على (إسرائيل) ولكن غزة بإمكاناتها البسيطة لديها من العزة والكرامة المتمثلة بشهدائها وذويهم الصابرين المحتسبين الأجر عند الله ما يقهر جيش الاحتلال.

وفي أيامه الأخيرة في شهر رمضان، كان محمد يعود بعد صلاة العصر ويبقى جالساً عند والدته كأنه يريد أن يشبع منها وتشبع منه، ويقضي أكبر وقت معها، فهو يعلم مدى حبها له وتعلقها الشديد به.

وفي العشر الأواخر وخاصة في ليلة الـ27 من رمضان واظب على صلاة القيام فيها، فلم يرتح ولم يتكاسل أبداً رغم رفاقه الذين أخذوا فترات راحة، إلا أنه كان مصراً على الاستمرار في الصلاة أملاً في نيل رضا الله وأن تكون هذه الليلة هي ليلة القدر.

محمد الذي ارتقى في قصف على مدينة غزة كان يدعو دائماً أمام زوجته" يا رب موتة طاهرة (شهادة)" ليحقق له الله ما تمنى ويستجيب دعوته التي طالما دعا بها.

وفي الليلة الأخيرة قبل استشهاده اتصل بزوجته واطمأن عليها: هل تسحرت أو لا؟ ثم أوصاها بأبنائه وأمه وعائلته، وطمأنها أنه بخير، ليبث في قلبها الأمل أنه سيعود ويرتدي ملابس العيد التي اشتراها لنفسه.

ولا تنتهي قصة الشهيد محمد بارتقائه، فرسالته تستمر، والمقاومة والدفاع عن فلسطين والأقصى وغزة باق في نفوس أطفال الشهداء، فسعيد ابن الشهيد مصمم على السير على درب أبيه وأن يكون جنديا من جنود المقاومة الذين يرفعون رأس فلسطين عالياً ليكون اللقاء مع والده في الجنة.