أضافت قناة الجزيرة رئيس الوزراء محمد اشتية في برنامج "لقاء اليوم"، تطرق في حديثه إلى أمور كثيرة، وغالبيتها تتعلق بعلاقة الحكومة مع قطاع غزة، وقد خرجت بقناعة أن موقف الحكومة لم يتغير ولم يتبدل، رغم الانتصار العظيم الذي حققته المقاومة في قطاع غزة، ورغم أن هذا الانتصار وضع القضية الفلسطينية على سلم أولويات الاهتمام الدولي، كما كانت السلطة تتمنى، في الوقت الذي أصبحت فيه السلطة معزولة تمامًا، ولولا ما حققته المقاومة في غزة لما انهالت الاتصالات واللقاءات الدولية مع القيادة الفلسطينية في رام الله، رغم أنهم يعلمون حقيقة تأثيرها في قرار الحرب والسلم.
تجاهل الحكومة شبه التام لإنجازات المقاومة لن يغير من الواقع شيئًا، ولا يمكن إجراء أي ترتيبات للوضع الفلسطيني دون موافقة حركة المقاومة الإسلامية حماس. رئيس الوزراء تحدث عن إعادة إعمار غزة، وصرح بأن الآلية السابقة لا تعجبه وأنه يسعى إلى آلية جديدة بدلًا منها مرتبطة بالمصالحة والتهدئة في المنطقة، وهنا لا بد من الإشارة إلى شهادة قيلت على لسانه تنفي كل الأكاذيب باستغلال المقاومة أموال إعادة الإعمار، إذ قال: "إن الآلية المستخدمة سابقًا التي وضعتها (إسرائيل) والأمم المتحدة لإعادة الإعمار تصلح لمراقبة مفاعل نووي، ولا تصلح لإعادة الإعمار"، وهذا يعني مراقبة كل فلس دخل غزة من أجل الإعمار، ولم يستخدم في أعمال المقاومة كما ادعت دولة الاحتلال، بغض النظر هل الآلية تصلح أم لا تصلح.
يقول الدكتور اشتية: "إنه لا يجوز الآن البدء في إعادة الإعمار ثم يأتي الاحتلال ليدمر ما أُنجز"، أي لا يجوز أن نظل في حلقة تدمير ثم تعمير ... إلخ، وقال: "إنه لا بد من ربط إعادة الإعمار بالمصالحة والتهدئة الطويلة الأمد"، وهذا كلام جميل في ظاهره، ولكنه في باطنه يحمل جبالًا من العقبات.
نحن نقول إن إعادة الإعمار لا بد أن تبدأ في أقرب وقت ممكن، لإعادة المواطنين إلى مساكنهم وتعويض خسائرهم المادية، ولا يجوز بأي حال من الأحوال ربط مصالح المواطنين بالخلافات الداخلية أو الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، لأننا نعتقد أنه لو ربطت إعادة الإعمار بالمصالحة فستكون القصة طويلة، وستستغل بأبشع صورة، كما حدث في السابق، لذلك أقول خلونا نعمرها، والعدو لا يؤمن جانبه، لأنه دمر مؤسسات منظمة التحرير في الضفة الغربية وغزة دون أن تطلق السلطة أي صاروخ، كما أن ربط إعادة الإعمار بالمصالحة يعني ربط حماس بإعادة الإعمار، وكلهم يشترطون عدم تدخل حماس في تلك العملية، ومن قال لكم إن حماس تعمل حسب رغباتكم؟!
وأختم مقالي بتنبيه: يا أنصار أوسلو؛ لقد تغيرت الدنيا من حولكم وأنتم لا تعلمون، ما بعد "سيف القدس" ليس كما قبلها.