محمدد. فايز أبو شمالة
في الذكرى الـ54 لهزيمة الجيوش العربية، واحتلال العدو الإسرائيلي أرضَ غزة والضفة الغربية والجولان السورية وأرض سيناء العربية، في الذكرى الـ54 وقف السنوار خطيباً بمناسبة الانتصار على العدو الإسرائيلي في معركة سيف القدس، وقف السنوار ليشطب معنوياً آثار 54 عاماً من الهزيمة، وهو يلوح بيدين في تحدٍّ وشموخ، ويرسم بأصابع يديه آفاقا لمستقبل مغاير لسنوات الهزيمة التي راجت، وروجت الوهم المخادع عن جبروت دولة العدو.
لقد تميز حديث السنوار في ذكرى هزيمة حزيران بمعاني النصر، والإصرار على تغيير وجه الشرق الأوسط في المعركة القادمة، فقد انتهى زمن نغزوهم ولا يغزوننا، لقد عبرنا هذه المرحلة من معركة سيف القدس، ووصلنا إلى مرحلة التحرير والعودة، وبعد جهد جهيد، وعناء شديد، وبعد إعداد وسهر، وبعد تعب واحتراق أعصاب، وتعزيز قدرات، وتوثيق إحداثيات، وتكديس معدات، فالتحرير ليس كلمات تقال، التحرير إرادة شعب جاع وعانى الحصار، وامتلك عزم الرجال، وحبس أنفاسه، وهو يواصل الإبداع المقاوم على مدار الساعة، وهذا ما وصلت إليه المقاومة بكل ثقة وأمان.
التحرير والعودة لم يعودا شعاراً كالذي أطلقه قادة العرب كذباً قبل هزيمة 67، حين كان الشعب العربي كله يصفق لحلم تدمير دولة العدو، والسيطرة عليها، فإذا بجيوشنا العربية كالهشيم، تذروه رياح الطائرات الإسرائيلية، ليقدم العرب في ستة أيام من الهزيمة 25 ألف شهيد، و11 ألف جندي مصري أسير، لقد انقلب الحال مع المقاومة، وصار التحرير في زمن الوفاء والإعداد الصادق حقيقة، ولم يعد التحرير حلماً وأمنية لملايين اللاجئين الباحثين عن حق العودة، التحرير بات مسافة قذيفة، سيقطعها الشعب الفلسطيني بصموده، وبوحدته الوطنية، وحين نقول وحدته الوطنية فإننا لا نقصد تلك اللقاءات والاجتماعات والندوات والمحاضرات وإلقاء الكلمات، الوحدة الوطنية تحققت في الميدان، في معركة سيف القدس، حين شارك 12 تنظيماً فلسطينياً بالمواجهة العسكرية، وقاتلوا عدوهم صفاً واحداً، وتحت راية واحدة، وصمتت مدافعهم بقرار موحد.
حديث السنوار في ذكرى هزيمة الجيوش العربية جاء مخالفاً لكل المفاهيم البالية عن قدرات الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، وعن قوة (إسرائيل) الجبارة، وعن هيمنة (إسرائيل) على المنطقة، حديث السنوار في ذكرى الهزيمة رسخ مفاهيم القوة العربية، وعزز الشعور بقدرة المقاومة على إهانة (تل أبيب)، وتهشيم الأسطورة، حتى أضحى أصغر التنظيمات الفلسطينية قادراً على امتطاء ظهر (تل أبيب)، بعد أن جعلتها الصواريخ ملطة، ومكاناً يلطم فيه كل أولئك الذين ظنوا أن العدو الإسرائيلي حارس أنظمتهم، والحامي لكراسيهم.
من استمع إلى السنوار أدرك أنه لا يتحدث بلسانه الشخصي، على الرغم من فصاحة لسانه العربي، الذي صقلته آيات القرآن، وقومت اعوجاجه أحاديث الرسول (ص)، كان السنوار يتحدث بلسان القذائف، ويثرثر من فوهات الصواريخ، لذلك كان لحديثه دوي العواصف، وكان لصوته صدى الجبال، وصارت اللقاءات مع السنوار نشيداً وطنياً، تعزفه قلوب الملايين العربية، وهي تتلقف تصريحاته المعبأة ثقةً وإيمانًا، والتي غدت العناوين لوسائل الإعلام الإسرائيلية قبل العربية، والفضل يرجع إلى تلك السواعد الفلسطينية؛ وهي ترسم صورة الصاروخ على قميص السنوار ذي الخمسة دولارات، فإذا به موضة للكرامة العربية، وأنفاس تعبق بالصباح.
حديث السنوار يؤكد أن لا خيار لنا نحن العرب الفلسطينيين إلا المقاومة، ودون ذلك الخضوع والتذلل والتوسل والخنوع تحت أقدام الإسرائيليين، وهذا ما يرفضه الشرفاء من العرب والمسلمين، الذين حسموا خيارهم، وقرروا أنهم عشاق للمقاومة والمقاومين.