أولاً: قصة الرقم (1111):
خرج رئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار بتصريحات مثيرة للرأي العام، حيث طرح لغزاً يتمثل بالرقم 1111، وترك الأمر مجهولاً للرأي العام، يا ترى ماذا يعني الرقم 1111؟
انقسم الرأي العام في تحليل الرقم، فهناك من ذهب باتجاه إنجاز صفقة تبادل أسرى، وأن عدد من سيفرج عنهم 1111 أسيراً، وهناك رأي ذهب باتجاه أن الرقم 1111 له علاقة بالإطار العملياتي لمعركة سيف القدس، وثمة احتمالات أهمها أن هذا الرقم مرتبط بتهديد "أبو عبيدة" في نهاية الحرب عندما هدد نتنياهو بأن أي غدر أو قصف قبل دخول التهدئة حيز التنفيذ فإن الرد على (تل أبيب) سيكون كبيراً، وربما الرقم 1111 مرتبط بذلك، أي أن نوايا المقاومة قصف (تل أبيب) بألف ومائة وأحد عشر صاروخاً. وأنا أرجح الخيار الثاني في تحليل الرقم 1111.
ثانياً: حوارات القاهرة المرتقبة:
تشهد القاهرة في الأيام المقبلة حوارات فصائلية شاملة لمناقشة عدة ملفات من أهمها: المصالحة الفلسطينية، لماذا أقول المصالحة الفلسطينية...؟ لأنني أخشى من سيناريو حرق الوقت، وتبهيت النصر، والعودة إلى ما قبل الحرب، وهذا للأسف ما حصل بعد عدوان 2014م، وأخشى أن يتكرر، ولكن السؤال الثاني: على أي قاعدة يمكن أن ينطلق قطار المصالحة...؟
سكة القطار تقوم على قاعدة أساسية هي إصلاح النظام السياسي الفلسطيني بما يضمن شراكة الجميع، ولسكة القطار ثلاثة مسارات هي:
1. مسار التوافق: من أجل إصلاح النظام السياسي الفلسطيني، ودمج حماس والجهاد وغيرهما من القوى المؤثرة في مؤسسات منظمة التحرير على أساس الشراكة وليس الهيمنة لأي طرف، ومن ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية يناط بها الإشراف على إعادة إعمار غزة، وإنهاء تداعيات الانقسام، من خلال التوافق وتغليب الصالح الوطني العام على الحزبي الخاص، والعمل على الاستثمار السياسي لمعركة سيف القدس.
2. مسار الانتخابات: لا شك أن الانتخابات هي أفضل المسارات وتعبر عن إرادة شعبنا الفلسطيني في كل أماكن وجوده، وتؤسس لقيادة وطنية منسجمة وطبيعة المرحلة، ولكن في تقديري أن الرئيس عباس الذي أجَّل الانتخابات بذريعة أن (إسرائيل) ترفض إجراء الانتخابات بالقدس، لم يقنع الكثير من الفلسطينيين، لأن شريحة واسعة عللت تأجيل الانتخابات لأسباب تنظيمية لها علاقة بجهوزية فتح للانتخابات، وخروج أكثر من قائمة عنها، واليوم ما زالت الأسباب التي دفعت الرئيس محمود عباس للتأجيل قائمة، بل دخل متغير جديد يتمثل في انتصار المقاومة بزعامة حماس في معركة سيف القدس، وانقلاب واضح للمزاج الشعبي تجاه الحركة، وهذا كفيل بأن يضعف خيار الانتخابات من طرف الرئيس عباس وأطراف إقليمية ودولية تخشى من سيناريو الفوز الكاسح لحماس.
3. مسار المراوحة في المكان: أخشى ما أخشاه أن تعمل بعض الأطراف على وضع الحالة الفلسطينية ضمن هذا المسار، وحرق الوقت لضرب الروح المعنوية للشعب الفلسطيني، وتحويل الانتصار العسكري لهزيمة سياسية، وأثر ذلك في الوعي الجمعي الفلسطيني.
الخلاصة: في تقديري إن مضى قطار المصالحة إلى الأمام عبر مسار التوافق -وهو الأكثر ترجيحاً- أو الانتخابات فإن فرص النجاح في الاستثمار السياسي لنتائج معركة سيف القدس كبيرة، وهذا يتطلب جهدًا كبيرًا من الوسيط المصري، وإرادةً وطنيةً من القادة الفلسطينيين، وضغطًا شعبيًّا على الجميع، وإن رجح المسار الثالث وفعلاً بدأت عملية حرق الوقت والمراوحة في المكان، فإن ثمة خيارات ينبغي أن تكون طرف المقاومة بغض النظر ما هي، لأن التاريخ لا يعرف الفراغ.