فلسطين أون لاين

حسن السعافين.. "حلم" يتحقق بإنقاذ طفلتي شهيد

...
غزة/ مريم الشوبكي:

في صبيحة 16 أيار (مايو) غفا حسن مدة لا تتعدى خمس دقائق، رأى في منامه أنه فتح باب البيت ووجد قطة مع ابنتيها فجأة دخلت بيته خائفات.

استيقظ حسن السعافين من حلمه يقص ما رأى على زوجته، أنها ربما ستحمل بتوائم، مرت الساعات حتى حل الليل الذي حولته صواريخ الاحتلال الإسرائيلي إلى رعب.

قاربت عقارب الساعة تشير إلى الثانية فجرًا، كأن زلزالًا أصاب برج الأحلام الذي يقع بالقرب من ملعب فلسطين غرب مدينة غزة ويضم 30 شقة، شبابيك البيت خلعت من مكانها، جدرانه تصدعت والدخان ملأ البيت، وقطعت خطوط الكهرباء.

ضربت طائرة حربية "إف 16" طابق السدة بصاروخين حيث تقع شقة حسن، وبجوارها شقتا الشهيدين لؤي عودة والطبيب معين العالول اللتان كانتا هدفًا للاحتلال، ركض نحو باب الشقة ليستطلع ما يجري.

يروي السعافين تفاصيل تلك اللحظة: "فتحت باب الشقة فإذا زوجة الشهيد لؤي غارقة بدمائها وفي يديها طفلتاها الصغيرتان يسيل الدم منهما أيضًا، أخذت الطفلتين ووضعتهما مع أولادي الثلاثة وزوجتي في آخر غرفة في البيت".

صوت صراخ زوجته لم يهدأ: "شوفوا أبو حمزة، القصف في الداخل، طلعولي إياه"، على وقع الصوت عاد السعافين لتفقد الأمر، تقدم خطوتين عن باب شقة جاره وشاهد نارًا مشتعلة ودخانًا يعبق المكان، حينها خرج جاره، وتراجع هو يبحث عن مخرج لعائلته، فوجد "بيت الدرج" مهدمًا، ومدخل العمارة مليئًا بالردم.

حمل السعافين وزوجته أبناءهما مع ابنتي الشهيد لؤي، وقفزوا جميعهم من فوق الأنقاض حتى ابتعدوا عن العمارة نحو 100 متر، ومعهم عشرات الأفراد من سكان العمارة، ونجوا بأعجوبة وكأن حلم الصباح تفسر.

في أثناء سعي السعافين وزوجته والأطفال للنجاة بأنفسهم، صرخت إحدى طفلتي لؤي " بابا .. بابا"، من شدة القصف طار جسده إلى مدخل العمارة، ركض حسن مبتعدًا عن المكان لكي ينجو بهما، حتى شاهد سيارة الإسعاف، فأسرع يحمل الطفلتين لنقلهما إلى المستشفى.

كانت الصدمة الثانية حينما شاهد حسن جثمان والد الطفلتين لؤي ممدًا داخل سيارة الإسعاف، فتدارك الأمر وركض نحو المقعد الخالي بجوار السائق ووضع الطفلتين حتى لا تصابا بالصدمة من مشهد والدهما.

ما عرفه السعافين بعد ذلك أن لؤي سهر ولعب مع أبنائه وطفلتيه، قبل أن يأوي إلى فراشه لأخذ قسط من الراحة، وهم استمروا في سهرتهم، فإذا صاروخ يستهدفه وهو مستغرق في نومه على سريره، والجميع نجا وأصيب بجروح.

السعافين كان يعمل موظفًا في الدفاع المدني ولديه خبرة في إنقاذ الناس، ولكن حينما حصل معه الحدث لم يستوعب ما يجري وأصيب بالذهول.

كان السعافين يستقبل أي فرد من عائلته يلجأ إليه باحثًا عن مكان آمن في العدوانات التي اندلعت على مدار السنوات الماضية، وفي لحظة وجد نفسه في منتصف المعركة.

حتى اليوم يتساءل السعافين: "لماذا استهدف الاحتلال شقتي الشهيدين لؤي عودة ود. معين العالول، الأول يعمل تاجر ملابس، والثاني طبيبًا، مدنيان آمنان، والعمارة مدنية بحتة بعكس ما يزعم الاحتلال؟!".

والإجابة الوحيدة عن هذا السؤال هو أن الاحتلال يستهدف كل فلسطيني، وكل حجر وشجر في فلسطين.