فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

تتعدد استخداماتها بين الاستهداف المباشر والاستطلاع والتجسس

تقرير "كوادكابتر" بأجواء غزة.. طوافات عسكرية تقف لها المقاومة بالمرصاد!

...
طائرة كوادكابتر (أرشيف)
غزة/ أدهم الشريف:

رغم أن تسيير جيش الاحتلال الإسرائيلي طوافاته العسكرية من نوع "كوادكابتر" في أجواء مدينة غزة، ليست المرة الأولى، إلا أن كثافة تواجدها في الأجواء بعد أيام من سريان وقف إطلاق النار مع المقاومة الفلسطينية، أمر عدَّهُ مراقبون أنه يعكس مدى فشل الجيش في الوصول إلى أهدافه خلال العدوان بين 11-21 مايو/أيار الماضي.

في ساعة مبكرة من فجر أمس، فوجئ المواطنون بغزة بإطلاق نيران من محاور متعددة تركّز غالبيتها قرب حيي النصر والشيخ رضوان، شمالي غرب مدينة غزة، وما هي إلا دقائق حتى كشف عن أن الطوافات العسكرية تحوم في الأجواء.

لكن المقاومة كانت لها في المرصاد، في حدثٍ ليس الأول من نوعه وتكرر في مناطق متفرقة من القطاع الذي يمر بأجواء أمنية خاصة بسبب ظروف الاحتلال ومحاولاته للوصول إلى قدرات المقاومة وعناصرها بوسائل مختلفة.

وشنَّ جيش الاحتلال عدوانًا عسكريًا موسعًا بالضربات الجوية طيلة 11 يومًا نفَّذتها مقاتلات حربية حديثة الطراز، منها "إف15"، و"إف16"، و"إف35"، وألقت 700 طن من المتفجرات على هيئة قنابل أمريكية الصنع، مختلفة الأحجام والأغراض العسكرية، وفق معطيات أوردها لـ"فلسطين" مسؤول بهندسة المتفجرات في الشرطة الفلسطينية بغزة.

طوافات خطِرة

وبحسب المختص بالشؤون العسكرية رامي أبو زبيدة، فإن هذا النوع من الطائرات المسيرة يحمل مخاطر كبيرة وتتعدد أهدافها ومهامها بين عمليات الاستهداف المباشر والاغتيال، والاستطلاع، وزرع أجهزة تجسس وإيصالها إلى عملائه.

وسبق أن نفَّذ جيش الاحتلال عملية اغتيال طالت القيادي البارز في سرايا القدس بهاء أبو العطا، في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، داخل بيته في حي الشجاعية، شرقي مدينة غزة، وفق ما قاله أبو زبيدة لـ"فلسطين".

وأشار إلى أن هدف الاحتلال من تسيير طوافاته هذه، محاولة خلق زعزعة وعدم استقرار وإرباك منظومة المقاومة، وإشعارها أن الأجواء الأمنية وحالة التصعيد ما زالت مسيطرة، ومحاولة استطلاع وجس نبض جهوزية المقاومة.

وأضاف: رغم سريان وقف إطلاق النار بين جيش الاحتلال والمقاومة إلا أن الأوضاع على أرض الميدان حذرة، خاصة أن شروط التهدئة لم تنضج بعد عبر الوفود والتحركات الدولية في ظل مماطلة الاحتلال فيما يتعلق بالظروف الإنسانية الخاصة بغزة بعد العدوان وما يرتبط بالإعمار.

ونبَّه إلى أن تعامل المقاومة مع طوافات جيش الاحتلال العسكرية كان سريعًا معها في أجواء غزة، سواء بالتصدي لها وإسقاط بعضها أو عبر التوجيهات لعناصر وقيادات المقاومة بضرورة أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر.

وأكد أن استخدام هذه الطوافات العسكرية، يعكس فشل جيش الاحتلال في تحقيق أهدافه بتدمير قدرات المقاومة، وهذا الأمر يُجمع عليه المحللون والخبراء والمستويات السياسية في دولة الاحتلال.

واستدرك المختص بالشؤون الأمنية أن "جيش الاحتلال لم يتمكن من تحقيق أهدافه العسكرية حتى بدء سريان وقف إطلاق النار، ولم تمنحه المقاومة أي صورة نصر"، مشيرًا إلى أن خلق حالة عدم استقرار مع غزة وعدم الالتزام بشروط المقاومة، يشكل شعار الجبهة الداخلية في (إسرائيل) بهدف إيهام الجميع بأن المعركة ما زالت مستمرة، وأن الاحتلال له السلطة والسيطرة وقادر على ردع المقاومة.

ورأى أن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يواجه نهاية حياته السياسية في السجن بناءً على قضايا فساد متهم بها، لن يتمكن من تسويق هذه الحالة لأن حجم الخسارة التي تكبدتها دولة الاحتلال خلال العدوان كبيرة جدًا.

تآكل قوة الردع

 

من جهته، قال الخبير في الشؤون العسكرية العميد رفيق أبو هاني: إن المستويات السياسية والعسكرية تحاول حاليًّا ترميم ما أصابها من تآكل في قوة الردع السياسي والعسكري عبر استمرار الاستفزازات والانتهاكات والتصريحات العدوانية، محاولين إثبات أن جيش الاحتلال وحكومته ما زالوا يمسكون زمام المبادرة وأنهم لم يهزموا.

وأضاف أبو هاني لـ"فلسطين" أن ذلك يعبِّر عن مدى الفشل السياسي والعسكري والأمني الذي أصاب الاحتلال الإسرائيلي.
وأوضح أن "الاستفزازات والانتهاكات الإسرائيلية لم تتوقف وهذا يعكس طبيعة الكيان الإسرائيلي العدوانية ووحشيته كاحتلال، وستبقى هذه الانتهاكات مستمرة في القدس والضفة والداخل المحتل وحتى بغزة، وقد يصعد من عنجهيته، وهي تعبر عن فشل الكيان لا أكثر".

وذكر أنه رغم زخم الضربات العسكرية التي شنتها مقاتلات جيش الاحتلال، فإن خطط الاحتلال العسكرية لم تنجح وخرجت الصواريخ من مناطق بغزة تعرضت لقصف عنيف.

وعدَّ أن تجدد المواجهة بين المقاومة بغزة وجيش الاحتلال يعتمد على مدى حجم الاستفزازات والانتهاكات الإسرائيلية، ومدى وصولها إلى مرحلة الذروة.

وأرجع الخلافات الحاصلة في دولة الاحتلال إلى الفشل الكبير في تحقيق أهداف جيش الاحتلال فيما يتعلق بالمقاومة وقدراتها الصاروخية والتحت أرضية، ولهذا نشهد تبادل الاتهامات بين المستوطنين وقادة الاحتلال السياسيين والعسكريين، وهذا يعكس حالة التخبط بعد الهزيمة.

أسباب قائمة

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة د.مخيمر أبو سعدة، أن اتفاق وقف النار "هش"، مدللًا على ذلك بأن أسباب المواجهة ما زالت قائمة، ولم يوقفها الاحتلال في القدس، وشملت مناطق مقدسية جديدة ومنها بلدة سلوان.

ونبَّه أبو سعدة في تصريح لـ"فلسطين" إلى أن الوضع الراهن أصبح سيئًا للغاية مع لجوء سلطات الاحتلال إلى إغلاق معابر غزة، وتقليص مساحة الصيد، في حين يجعل استمرار انتهاكات الاحتلال هذا الوضع أكثر سوءًا، مقدرًا أن إمكانية تجدد المواجهة كبيرة لكن هذه المواجهة لن تحل المشكلة ولن يستطيع جيش الاحتلال من خلالها كسر إرادة الشعب الفلسطيني.

وأشار إلى أن ذلك يفترض أن يجعل الوسطاء العرب والدوليين، يعملون بجد أكثر لمنع تجدد هذه المواجهة بين المقاومة بغزة وجيش الاحتلال، وما يرافقها من انتهاكات كبيرة بحق المواطنين المدنيين.

ولفت أبو سعدة إلى أن القضايا السياسية لا يفترض أن تسير وفق مزاج رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، في وقت اتخذ فيه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارًا بالتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية، تزامنًا مع ضغوط دولية تمارس ضده لوقف العنف بحق المدنيين.

ويعتقد المحلل السياسي أن أطرافًا عربية منها مصر والأردن، لن تقبل باستمرار انتهاكات الاحتلال وتجدد العدوان على غزة.
وعلى صعيد الخلافات داخل (إسرائيل) بعد العدوان، أشار إلى أنه من الطبيعي أن تحدث هذه الخلافات بين المستويين السياسي والعسكري خاصة أن الجيش طلب مهلة من نتنياهو، لضرب البنية التحتية للمقاومة ومنها الأنفاق واستهداف قيادات عسكرية، لكن الجيش لم ينجح في تحقيق أهدافه.

"ولذلك نرى الاتهامات المتبادلة بين المستويين العسكري والسياسي بعد حديث الاحتلال منذ عدوان 2014 عن تدريب جيشه على عملية برية ضد غزة، وثبت أنها مناورات ورقية ليس لها معنى حقيقي في مواجهة صواريخ وأنفاق المقاومة" بحسب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر.

وتابع أبو سعدة: من الطبيعي أن يجري الاحتلال مراجعات لمعرفة الفشل والخلل إن كان في قدرات جيشه الاستخبارية والأمنية أو القبة الحديدية، لكن في النهاية فإن مشكلة غزة لم يتمكن من معالجتها عسكريًّا، ولن يتمكن.