منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار "الهش" بين المقاومة ودولة الاحتلال ظهر جليًّا أن هناك نوايا جادة لتحسين الأوضاع في قطاع غزة والقدس وربما في الضفة الغربية من أجل تثبيت وقف إطلاق النار والوصول إلى حالة من الاستقرار تستمر بضع سنوات على الأقل، وفي هذا الإطار سنتحدث عن إعادة إعمار قطاع غزة كجزء مهم من مخطط متكامل لتحقيق الهدف المنشود.
لاحظنا أن أمريكا ودولة الاحتلال وبعض الأطراف الأخرى مثل الإمارات تشدد على ضرورة ضمان عدم استفادة حركة المقاومة الإسلامية حماس من أموال إعادة الإعمار الموجهة إلى قطاع غزة، وهذا الشرط تكرر بشكل ممل رغم أن تلك الأطراف لديها يقين بأن المساعدات التي وصلت إلى قطاع غزة وخاصة الأموال القطرية خلال سنوات الحصار كانت تحت رقابة مشددة ولم يصل منها أي شيء للمقاومة، ليس بسبب تلك الرقابة وإنما لأن المقاومة ليست بحاجة إليها حسب تأكيد قادتها، كما أنها معنية أن تستمر تلك المساعدات لتحسين أوضاع المواطنين والخدمات والبنى التحتية لغزة قدر المستطاع وحتى لا تكون حجة للذين يتربصون بغزة في قطع المساعدات وزيادة معاناتها.
أما فيما يتعلق بإنفاق أموال إعادة الإعمار فستكون من خلال السلطة الوطنية الفلسطينية حسب شروط الدول المانحة وليس ثمة اعتراض على هذا الأمر، لكنني أعتقد في المقابل أن الفصائل الفلسطينية المقاومة في غزة ستكون لها اشتراطات أيضًا لأنها خرجت منتصرة في الحرب ولأسباب أخرى لا حصر لها، ولكننا نختصرها بالقول إن تجربة القطاع مع السلطة وخاصة مع الحكومة الحالية كانت تجربة صعبة ولم تكن مرضية.
ولأن البدء في إعادة الإعمار مسألة ملحة ولا يمكن انتظار التوافق على حكومة جديدة أو إجراء انتخابات وغير ذلك من الإصلاحات المطلوبة، فإن هناك حاجة لوجود هيئة رقابية متوافق عليها مع فصائل المقاومة في غزة تقوم بالمراقبة والاطلاع على عملية تنفيذ إعادة إعمار غزة من الألف إلى الياء، وحتى لا تتسرب الأموال إلى غير المستحقين، وحتى لا تستخدم الأموال في تنفيذ مشاريع أخرى لا علاقة لها بغزة أو بإعادة الإعمار، كما أنه يجب ضمان عدم استغلال أموال الإعمار في الخلافات الداخلية بين الفصائل.