من تذوق لذة الانتصار يأبى زنازين الانكسار، والشعب الفلسطيني الذي رفض الهزيمة وهلل لانتصار المقاومة، يأبى أن يتراجع خطوة، وسيواصل مشوار المواجهة حتى تحقيق هدفين مهمين:
الهدف الأول له علاقة بفرض شروط المجتمع الفلسطيني فيما يتعلق بإعمار غزة، ورفع الحصار عن أهلها، وهذه معركة مفتوحة على كل احتمال، والقرار هنا يرجع للقيادة التي أدارت المعركة مع العدو بكفاءة عالية.
الهدف الثاني له علاقة وثيقة بالهدف الأول، ويتمثل في هزيمة مخطط مدير عمليات أونروا، وطرده من أرض غزة، لاستكمال مشروع الإعمار والبناء، إذ كيف نقوم بإعمار غزة، وعلى رأس هرم الإعمار من يسعى إلى الخراب؟
ماتياس شمالي مدير عمليات أونروا أهان عمل أونروا الإنساني، فهو لم يسئ لأهل غزة فقط حين التقى مع القناة 13 العبرية، مادحًا العدوان الإسرائيلي على المدنيين، مشيدًا بدقة الصواريخ الإسرائيلية التي لا تصيب الأطفال والنساء، ماتياس شمالي هذا مارس أبشع الجرائم ضد الإنسانية حين امتنع عن تقديم الطعام والشراب لعشرات آلاف النازحين من جراء العدوان الإسرائيلي، ولم يكتفِ بذلك، بل رفض ماتياس شمالي ونائبه ديفيد ديبولد أن يسمحا للمنظمات الأهلية وللبنوك الفلسطينية أن تقدم الطعام والشراب للنازحين، ورفض ماتياس شمالي ونائبه ديفيد أن يسمحا بتشغيل مولدات الكهرباء التي تعمل على رفع المياه، لخدمة النازحين، ويصر اليوم على فتح المدارس، وعودة الطلاب، وهو يعرف أن المدارس تضج بالنازحين، وشبابيك المدارس وأبوابها مكسرة من جراء القصف، وهو يعرف أن المدارس تخلو من مياه الشرب للطلاب، وتخلو من الكهرباء، وتخلو من المياه الضرورية لدورات المياه، وهو يعرف أن هناك قرارًا من الحكومة بإنهاء العام الدراسي، فهل كان ماتياس شمالي يقصد مصلحة الطلاب، أم كان يهدف إلى كنس النازحين من مدارس الإيواء بذريعة عودة الدراسة؟
ولو عدنا إلى تاريخ الجريمة التي اقترفها ماتياس شمالي بحق اللاجئين، سنكتشف أنه قطع عشرات آلاف المساعدات عن الفقراء والمحتاجين من الشعب الفلسطيني، وقلص الخدمات المقدمة لهم في عدة مجالات، وتساوق مع صفقة القرن، حين صنف اللاجئين وفق هوى الإدارة الأمريكية، والذريعة هي عدم وجود الأموال، في الوقت الذي كان يوفر المال للبرامج الترفيهية؛ التي تخدم مخططات التعاون المشترك بين ماتياس شمالي والاحتلال الإسرائيلي.
لقد فرض ماتياس شمالي على الموظفين الفلسطينيين عدم التدخل في السياسة، وعدم النشاط الإعلامي، وقام بمحاسبة بعض الموظفين لمجرد أنهم شاركوا في كتابة منشور، أو قاموا بالتعليق عبر صفحات التواصل الاجتماعي، وهنا يقول الموظفون: ما دمت تطالبنا بالحيادة حتى في قضايانا الوطنية، فلماذا لم تلتزم أنت الحيادية، وأعلنت ولاءك وإخلاصك لمن يحتل أرض فلسطين، ضاربًا بعرض الحائط قرارات الأمم المتحدة، ودور أونروا الإنساني.
قبل سنوات طرد اللاجئون الفلسطينيون ماتياس شمالي من لبنان، وقبل ذلك لم تسمح سوريا لماتياس شمالي بدخول أراضيها، تحسبًا لدوره المشبوه في تصفية قضية اللاجئين، ولم تجد رئاسة أونروا مكانًا أنسب من غزة الجائعة المحاصرة لتلقي به بين سكانها، ليتمم مشوار الحصار الإسرائيلي، ومشوار الإجراءات العقابية المفروضة على أهل غزة، ليكتمل وجع غزة مع تصريحاته المشبوهة ومواقفه المخزية في أثناء العدوان على غزة، لذلك كانت الغضبة الشعبية على مدير عمليات أونروا من شقين، شق يتعلق بالموقف السياسي، وشق يتعلق بالموقف الحياتي، وكل ذلك يتجسد في مطلب شرعي وإنساني وشعبي واحد يقول لمفوض عام أونروا: لا نريد ماتياس شمالي ونائبه ديفيد ديبولد على أرض غزة، وهذا هو مطلب المسيرات الجماهيرية التي ستجوب شوارع غزة يوم الاثنين 31/5، والتي ستنطلق من أمام مقر أونروا.
المسيرة لا تخص موظفي أونروا فقط، ولا تخص اللاجئين ولجانهم الشعبية فقط، الذين يجب أن يتقدموا الصفوف، والمسيرة لا تخص اللاجئين في قطاع غزة، وإنما نحن أمام قضية وطنية وإنسانية، يتطلب الحشد لها، والدعم، والمشاركة من كل أطياف الشعب الفلسطيني، والدعوة موجهة لأهلنا في الضفة الغربية، وللشعب الفلسطيني في الأردن، تحركوا يا قوم، باتجاه مقرات أونروا دعمًا لمطالب أهل غزة، فغزة لم تخذلكم يومًا، ولن تخذلكم، فلا تخذلوها بلقمة عيشها.
رحيل ماتياس شمالي واجب وطني، فالشعب الفلسطيني لن يرحل عن أرضه.