فرق شاسع بين معركة العصف المأكول 2014 وسيف القدس 2021 في جميع المجالات وخاصة فيما يتعلق بتعاظم قوة المقاومة وشدتها، ولكننا هنا سنتطرق إلى التدخلات الخارجية لإنهاء المعركة ووقف إطلاق النار والتي عادة ما تأتي لإنقاذ العدو الإسرائيلي من مأزقه وكذلك محاولات السياسيين حصد ما زرعته المقاومة.
معركة العصف المأكول أراد لها الاحتلال أن تكون فاصلة ونهاية لوجود المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ولذلك استمرت 51 يومًا، أما معركة سيف القدس فلم تدُم سوى 11 يومًا وبدأت تدخلات وقف إطلاق النار من اليوم الرابع أو الخامس تقريبًا بإيعاز من جانب الاحتلال وإن أظهر رفضًا لأي نقاش يتعلق بالأمر، أما في معركة العصف المأكول فقد بدأت المحاولة الفعلية لوقف إطلاق النار بعد 20 يومًا، وذلك من خلال اجتماع دولي في فرنسا شاركت فيه كثير من الدول ومع ذلك لم تتوقف الحرب إلا بعد شهر من ذلك الاجتماع، إذ كان يأمل الاحتلال أن يحقق أهدافه التي تضاءلت مع كل يوم من أيام المعركة وكانت خيبة الأمل عند محاولة الاحتلال اغتيال قائد كتائب عز الدين القسام محمد الضيف وذلك قبل نهاية المعركة بستة أيام فقط.
ما ذكرته آنفًا إنما للدلالة على تراجع قدرات العدو مقابل التطور المذهل لقدرات المقاومة، ومع ذلك نرى أن منظمة التحرير تحاول حصد ما زرعته المقاومة كما هو الحال بعد كل انتصار عسكري لها، ويا ليتهم حققوا ما أرادوا بعد المعارك الثلاث السابقة، ولكنهم فشلوا وأعانوا الاحتلال بقصد أو دون قصد على التملص من تنفيذ شروط المقاومة.
لو نظرنا إلى ما يحدث على الساحة الفلسطينية حاليًّا نجد أن نشاطًا سياسيًّا دب في رام الله بعد وقف إطلاق النار، ولا نسمع سوى التأكيد على ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات وحل الدولتين وتشكيل حكومة وحدة تلتزم شروط الرباعية، وكأن كتائب منظمة التحرير هي التي انتصرت، ولكن لا تعلم منظمة التحرير أن المعادلات كلها اختلفت، وكما تفاجأ العدو الإسرائيلي بالمقاومة تبدأ حربًا نصرةً للقدس، فإن منظمة التحرير ستتفاجأ بأن المقاومة لن تسمح بتكرار ما حدث في السابق وأن الزمن الأول حول ولا أستبعد أن يخرج أبو عبيدة ليصف ما يحصل الآن بأنه رقصة عفاريت ومحاولة جديدة لإضاعة جهود المقاومة كما حصل مع الوفد الفلسطيني الذي ترأسه عزام الأحمد في القاهرة في أثناء معركة العصف المأكول 2014، المقاومة حسب اعتقادي وتوقعاتي لن تسمح للأمر بأن يستمر إن كان على حساب حقوق شعبنا وثوابته وتضحياته وخاصة في غزة هاشم والقدس.
أنا أعتقد أن ما تقوم به منظمة التحرير من مفاوضات ومشاورات واستقبال وفود عربية وأجنبية والحديث عن وقف للتهدئة وعودة للمفاوضات العبثية غير الذي يحدث في الخفاء من مفاوضات سرية، مباشرة وغير مباشرة مع المقاومة الفلسطينية، لا أتصور أن تكون المقاومة غائبة تمامًا عن الأحداث، لا يمكن أن يختفي المقاوم ويخرج المجدلاني والأحمد وغيرهما للتحدث نيابة عن الشعب الفلسطيني ومقاومته، ولذلك أتوقع أن تكشف الأيام القادمة إن كان سيستمر وقف إطلاق النار وتنفيذ شروط المقاومة أم ستستأنف المقاومة معركة سيف القدس.