فلسطين أون لاين

​لعلكم تتقون.. كيف نتخلص من الحصار!

ما بين النصر والهزيمة ليس صبر ساعة فقط، بل أخلاق فاضلة، وعمل متواصل، وجهد مبذول، ومظالم مدفوعة، واقتصاص كل شخص من نفسه لغيره، كل ذلك "لعلكم تتقون".

آيات نقرؤها دائما في افتتاح هذا الشهر على مدار أعوامنا، "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون"، كم من مرة صمنا، وصلينا، ودعينا الله تعالى أن يتقبل، فهل حققنا النتيجة المرجوة "لعلكم تتقون"!

وكيف نتثبت إن حققناها فعلا أم لا، هناك دلائل وشواهد لا نصوص فارغة ولا عبث، وهنا أود التأكيد فقط على جزء من الأمور التي لا بد أن نحقق التقوى فيها ونحن نعاني من ظلم القريب والغريب في أشد لحظات الحصار والمنع لأكثر من عشر سنوات، تزداد بقطع الرواتب والكهرباء والمحاربة في المياه والمعابر والأدوية حتى في حليب الأطفال دون أن يرمش جفن لمن يحاصرنا.

كل ذلك وفي الإعداد ما نراه من مشقة وصعوبة على المجاهدين وأهليهم، بما يلاقونه من تعب ومرض وإنفاق في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى وتحرير الأرض من المحتل، ولكن، هل رفعنا الظلم عن أنفسنا.. ندعو على الظلمة كل يوم، وقد نكون منهم، في مظهر واحد هو الأبرز ربما وإن اتخذه البعض سخريا عندما تقرر في الضفة الغربية ولا أعرف إن كان سيطبق الأمر في غزة أم لا بمنع قبول حالات الطلاق في رمضان.

سواء في رمضان أم في غيره حياتنا الاجتماعية بحاجة كبيرة للمراجعة، عندما تشكو المرأة نضعها دوما أمام خيارين اصبري، أو اطلبي الطلاق! وكأن الحلول خلت إلا منهما، وكأن التوجيهات دوما للمرأة دون الرجل، ليس على الصعيد الشرعي بل حتى من خلال الاستشارات التي نقرؤها للمختصين الاجتماعيين والنفسيين، وكأن الحل السحري أو الخراب المستعجل بيد المرأة فقط في مجتمعنا، رغم أنها من تتلقى الظلم الأوسع والعبء الأكبر في الحياة والحفاظ على صمود وثبات هذا المجتمع.

هل قرأ الرجال الوصية بتقوى الله تعالى ثلاث مرات في سورة الطلاق، من يتق الله يجعل له مخرجا، ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا، ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا.. وكل الوصايا بحسن العشرة ودوام الود والإنفاق في العسر واليسر، والإمساك بالمعروف أو التسريح بإحسان، ثم نجد بعد ذلك من يتعنت في تطليق المرأة، بسبب رشة ملح زائدة وقت الإفطار، أو نوع من الطعام طلبه ولم تحضره، ثم يبدأ مسلسل تشريد الأبناء والبنات، وتنشغل المحاكم بأمور النفقة والحضانة وغيرها مما يتحمل عبئه الأم والأبناء في أغلب الأحيان، بينما يتجه الرجل للزواج من أخرى.

نحن إذا مطالبون أكثر من غيرنا بتفعيل المؤسسات القانونية والاجتماعية كي تعطي المرأة حقها الشرعي والقانوني المكفول نصا الضائع فعلا وتطبيقا في كثير من الحالات. لذا لنجعل هذا الشهر خطوات متبعة نحو التقوى حقا لا قولا، فالصيام إعلاء لكرامة النفس ورفعها عن تتبعها الشهوات وعبودية النفس والذات، لنكرم أنفسنا ونكرم الآخرين، ونرفع الظلم الأصغر الذي نوقعه فيما بيننا لعل الله تعالى ييسر لنا سبل رفع الظلم الأكبر والحصار، وما النصر عنا ببعيد.