وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن المنظمات الفلسطينية التي قاتلت العدو الإسرائيلي بالمنظمات الإرهابية، في الوقت الذي كانت غزة كلها تحتفل بالنصر، وتهتف بحياة المنظمات التي وصفها بايدن بالإرهابية، وفي الوقت الذي كانت الضفة الغربية وفلسطينيو 48 يحتفلون بالنصر، فهل صار كل الشعب الفلسطيني إرهابياً من وجهة نظر بايدن، والإدارة الأمريكية؟ كلا، وألف كلا، فملايين الفلسطينيين الذين احتفلوا بنصر المقاومة على العدو الإسرائيلي ليسوا إرهابيين، إنهم أبناء فلسطين، وهم أصحاب الأرض التي تقام عليها دولة العدو الإسرائيلي، وهم من صلب العائلات والقبائل والأسر الفلسطينية المنزرعة في الأرض، وهم نبض الشارع الفلسطيني، وعنوانه الذي لا يتوه عنه كل سياسي حكيم، ينظر إلى الواقع بعقل مفتوح.
وصف بايدن حركات المقاومة الفلسطينية بالإرهاب يعكس رغبة الإدارة الأمريكية في رؤية الشعب الفلسطيني خاضعاً خانعاً خائفاً بائعاً لوطنه كي يصير مواطناً صالحاً! بايدن يريد من الشعب الفلسطيني أن يتوسل مفاوضات واتصالات ومساعدات أمريكية كي يصير مواطناً صالحاً، بايدن يشترط الخنوع والمذلة للشعب الفلسطيني كطريق وحيد للالتحاق بالمنظومة الإمبريالية الزائفة، التي تلاعبت بأرض فلسطين منذ وعد بلفور 1917، وحتى وعد ترامب 2017، إنها أمريكا التي لم تقدم للفلسطينيين إلا بعض الدولارات مقابل الأمن والأمان للمستوطنين اليهود الغزاة.
على الرئيس الأمريكي أن يقرأ الواقع الذي يؤكد أن الفلسطينيين بقضهم وقضيضهم، برجالهم ونسائهم وأطفالهم وعجائزهم، كلهم يهتفون لحركة حماس، وحركة الجهاد، وألوية الناصر صلاح الدين، ولجان المقاومة الشعبية وحركة الأحرار والجبهة الشعبية والديمقراطية والمجاهدين وكل أولئك الذين حملوا السلاح، وقاتلوا عدوهم بشرف وشموخ، لقد استُفتي الشعب الفلسطيني مرتين في غضون شهر واحد، وقد تميزت المرة الأول بالتضامن الشعبي، والمظاهرات والمسيرات التي انطلقت في كل مدن الضفة الغربية وفلسطينيي 48، وهم يهتفون للمقاومة، وتمثلت المرة الثانية بخروج كل الشعب الفلسطيني بعد منتصف الليل بساعتين، خرج بعفوية، دون دعوة، ودون مكبرات صوت، ودون إغراءات، خرج بقلبه وروحه، وهتف للمقاومة، وهتف لرجال غزة، الذين يصفهم جو بايدن بالإرهابيين.
الشعب الفلسطيني يعرف من هم الإرهابيون، ومن هم الغزاة، الذين ذبحوا سكان البلاد الأصليين في أمريكا، وأقاموا على جثثهم دولة الظلم، والإرهابيون هم أولئك الذين يدعمون العدو الصهيوني في عدوانه على شعب يعشق السلام، الإرهابيون من قدموا مليارات الدولارات للمحتل الإسرائيلي، ليواصل عدوانه على كل الأمة العربية، والإرهابي من استعد أن يحسن أداء القبة الحديدية لتساعد الإسرائيليين على عدوانهم، والإرهابي هو الذي قتل الشعب الياباني بقنابله النووية، والإرهابي من قتل الشعب الفيتنامي بطائراته العدوانية، والإرهابي من قتل مئات العراقيين الآمنين في ملجأ العامرية، والإرهابي من دمر العراق، واغتصب شمال شرق سوريا، ومن ذبح الشعب الأفغاني، والإرهابي من اعترف بالقدس عاصمة موحدة للمتطرفين الصهاينة، ومن يقدم لهم كل أشكال الدعم السياسي والمادي لمواصلة اغتصابهم لأرض فلسطين.
الشعب الفلسطيني عاشق للسلام، ولا يقتل المدنيين، وقذائفه المقاتلة موجهة ضد أعدائه القتلة الغاصبين المتطرفين الإرهابيين، الذين أحرقوا البشر على أرض فلسطين، ونسفوا البيوت، واقتلعوا الشجر، ومزقوا الطفولة، وطعنوا القلوب الغضة، وهم يقيمون السجون لعشرات آلاف الأسرى الفلسطينيين، وسحقوا العشق الفلسطيني، وهم يحتفظون بجثامين شهداء الأرقام، والإرهابيون من شرد ملايين اللاجئين الفلسطينيين من بلادهم، وألقى بهم في الشتات ينتظرون العودة حتى يومنا هذا، والإرهابي من مزق الوجود الفلسطيني فوق أرضهم، فإذا بهم منطقة غزة ومناطق الضفة ومنقطة القدس ومنطقة فلسطينيي 48.
وبعد أن وصف الرئيس الأمريكي بايدن الشعب الفلسطيني بالإرهاب، يختتم تصريحه بالقول: من حق الفلسطينيين والإسرائيليين العيش بأمن وأمان، ويستحقون الحياة الكريمة والحرية!
فمن هم الفلسطينيون الذين يتحدث عنهم بايدن؟ وعن أي حياة كريمة للفلسطينيين، بعد أن صلبتهم على جدار الإرهاب، وسحقتهم تحت أسلحة الاحتلال الإسرائيلي، الذي يمتص حقده من دافع الضرائب الأمريكي، ومن أموال الخاوة التي تفرضها على الأنظمة العربية؟
الشعب الفلسطيني عرف طريقه، وحمل سلاحه، وفرض نفسه نداً، ولن يتراجع قيد أنملة عن الفعل الميداني الهادف إلى استرجاع حقوقه، ومحاربة مغتصبي وطنه، حتى وإن كانوا مدعومين من الإمبريالية الأمريكية، فيكفي الشعب الفلسطيني أمته العربية والإسلامية.