وظيفة الأونروا تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين الفلسطينيين، ووظيفة الأونروا مد يد العون للمنكوبين في الأماكن التي تعرضت للقصف وقت الحرب، ووظيفة الأونروا توفير الحماية لمن احتمى في ظلالها، ولجأ إلى مدارسها ومؤسساتها، هكذا عرف الفلسطينيون وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين، ولهذا احترم الفلسطينيون الأونروا، واحترموا مؤسساتها وموظفيها، ووثقوا بقدراتها وتدخلاتها، وهي المؤسسة التي تعمل بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
في العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، تم تدمير عدد من البيوت والأبراج، ونزح ما يزيد عن 50 ألف فلسطيني من بيوتهم ومواقع سكناهم إلى مدارس الأونروا، نزحوا من ويلات الحرب، ومن لهيب القصف الإسرائيلي، وتركوا وراءهم كل شيء، خرجوا عراة إلا ما يستر أجسادهم، خرج النازحون صوب مؤسسات الأونروا ليحتموا بها، وكلهم ثقة بأنهم ينزحون إلى مقر للأمم المتحدة، مقر دولي قادر أن يوفر لهم الحماية، وقادر على توفير شربة الماء والغذاء والهواء المنقى من سموم العدوان الإسرائيلي، وهذا ما تعود عليه الفلسطينيون، وهذا ما ألفنا عليه مؤسسات الأونروا منذ تأسيسها سنة 1949، وحتى يومنا هذا.
لقد وقفت الاونروا مع الفلسطينيين في كل الأوقات التي وقع فيها المدنيون في كمائن العدوان الإسرائيلي، ففي انتفاضة الحجارة سنة 1987 لم تتوانى الأونروا عن تقديم المساعدات الغذائية والعلاجية لكل الفلسطينيين دون تمييز بين لاجئ ومواطن، لقد قامت بدورها الإنساني، وفي انتفاضة الاقصى، كان مدير عمليات الوكالة يطوف على مقرات الوكالة من رفح وحتى بيت حانون، ليشرف بنفسه على تقديم المساعدات للمحتاجين والمصابين، وكان يقدم المساعدات لكل أسرة تم قصف بيتها، ولكل بيت احتاج الطعام، وخصص ميزانية عرفت باسم ميزانية الطوارئ لتوفير المساعدة لكل من وقع عليه اعتداء الجنود الإسرائيليين، وظل دور الأونروا حاضراً، حتى أشرفت على بناء البيوت لمن هدم الاحتلال بيوتهم.
وللتاريخ والتوثيق نقول: لم تختبئ الأونروا خلف ذرائع العجز، وقلة الموارد حين مارس العدو الإسرائيلي عدوانه على غزة سنة 2009، وسنة 2012، وسنة 2014، لقد وقفت الأونروا بكل طاقتها وطواقمها مع المتضررين من العدوان الإسرائيلي، وقامت بواجبها الإنساني، وبالتحديد سنة 2014، حين لجأ إلى مدارس الأونروا عشرات آلاف النازحين من بيوتهم شرق خان يونس، ومن منقطة الشجاعية شرق غزة، ومن منطقة بيت حانون وبيت لاهيا، لقد وجدوا الملاذ الآمن في مدارس الأونروا، التي قدمت لهم المأوى والطعام والماء والخدمات، ووفرت له إقامة إنسانية إلى حد ما، حفظت لهم حياتهم، ولم تهدر كرامتهم.
اليوم، ونحن في سنة 2021، وبحضور مدير عمليات الأونروا ماتياس شمالي، تغلق الأونروا أذنيها عن أنين النازحين الجوعى، وتغمص عينيها عن صراخ الأطفال الظمأى، وتضع القيود على تحركها الإنساني، اليوم يتنكر ماتياس شمالي لدوره الإنساني، ويصد الأبواب دون تقديم أي مساعدة ضرورية للنازحين في مدارس الأونروا، وللتأكيد على معايشة ماتياس شمالي أجواء الحرب، ومعرفته بما يحدث من ويلات إسرائيلية، فقد ترك ماتياس شمالي شقته المفروشة الآمنة على بحر غزة، وجاء للاحتماء في مقر الأونروا، فهو يعرف حجم الدمار الإسرائيلي الذي لا يميز في القصف بين البشر، ماتياس شمالي الذي يتقاضى راتباً شهرياً يتجاوز 30 ألف دولار على حساب القضية الفلسطينية، يغل يده، ويرفض أن يقدم أي مساعدة للنازحين الفلسطينيين في مقرات الوكالة ومدارسها، ويتذرع بعدم وجود ميزانية، وإغلاق المعابر، وعدم سماح دولة الصهاينة بإدخال المساعدات الإنسانية، والحقيقة أن لديه صلاحيات طوارئ، ينفق من خلالها ملايين الدولارات كمساعدات طواري للمحتاجين، ولديه وفق موقعة الممثل للمجتمع الدولي، لديه القدرة على التواصل مع المانحين للضغط على العدو الإسرائيلي لإدخال المساعدات إلى غزة، ولديه القدرة على توفير مستلزمات النازحين الإنسانية من خلال ما يتوفر في السوق المحلي، وهذا هو صلب عمل الأونروا في أوقات الحروب والكوارث.
النازحون في مدارس الأونروا فضحوا شخصية مدير عمليات الأونروا ماتياس شمالي، والذي طرده اللاجئون الفلسطينيون من لبنان، فكيف حال غزة؟ والنازحون فيها يعانون نقص الماء والدواء والغذاء والرعاية والنظافة، وهم تجمع بشري تجاوز خمسين ألف طفل وامرأة وعجوز، هم بحاجة إلى كل مساعدة، بحاجة إلى رغيف الخبز وشربة الماء، والجهة الأقدر على التحرك والفعل والمساعدة هي الأونروا، والجهة الواجب عليها ألا تغمض العين هي الأونروا، وهذا ما ينتظره الشعب الفلسطيني من مؤسسة دولية، ما وجدت إلا لتقديم المساعدات لمنكوبي الحروب.