كنت واحدًا من عدة مئات شاهدوا وشهدوا هذا اليوم الفارق الذي نُفِّذَ فيه حكم الشعب على ثلاثةٍ مِمَّن سَوَّلتْ لهُم أنْفُسهم المريضة خيانة الوطن، فكان قرار القضاء العسكري بتر هذه اليد العابثة بمصير أرض وحقوق وثوابت شعب قرر ملاحقة عيون العدو، وفقأها واحدة تلو الأخرى، لتحصين الجبهة الداخلية لتكون خير سند ومعين للمجاهدين الرابضين أسودًا على ثغور البلاد، يراكمون نقاط القوة على طريق ظفرٍ أكيدٍ حتمي وقادم قريب.
كان ذلك الخميس الماضي في تمام الخامسة من عصر اليوم الخامس والعشرين من الشهر الخامس لعام 2017م، ليُسَجِّل صَفْعَةً نجلاء أُخرى لاستخبارات النازيين الجُدد في إزاحة النقاب عن القتلة، في زمن قياسي لا يتعدى 48 يومًا من اغتيال القائد الشهيد القسامي مازن فقهاء.
ويعلم الجميع أن الأجهزة الأمنية لوزارة الداخلية في قطاع غزة العزة والمقاومة نجحت دومًا في اكتشاف جواسيس العدو، وذلك بالتعاون الوثيق مع أجهزة أمن كتائب الشهيد عز الدين القسام، وفصائل المقاومة الحيّة، وعيون أبناء شعبنا التي لا تنام.
يقول شاعر العراق الراحل بدر شاكر السيّاب:
"إني لأَعجبُ كيف يُمكن أن يَخونَ الخائنون
أيخونُ إنسانٌ بلادَه؟!
إن خانَ معنى أن يكون
فكيف يُمكِنُ أن يكون؟!".
لقد سمع جمع الحضور النائب العام للقضاء العسكري وهو يتلو مُسَوّغات الأحكام للمدانين بجرائِمهم النكراء، وعدد الشهداء القادة الذين سَهَّلوا بغدرهم ومعلوماتهم لاستخبارات العدو الوصول إليهم واغتيالهم، ومن بينهم القائد المؤسس لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" الشهيد الشيخ أحمد ياسين، والشهيد القائد أحمد الجعبري، وآخرون كُثُر.
لقد أكدت وزارة الداخلية دورها المركزي في إحقاق حق الوطن والمواطن، وفي الحفاظ على الأمن المجتمعي، مستندة إلى شريعتنا وديننا الحنيف، وإلى ما نص عليه القانون الفلسطيني، ومواد القانون الدولي صاحب الاختصاص في تشكيل محكمة الميدان، الذي جاء نتيجة لخطورة الحدث الجلل في اغتيال الشهيد المحرر القائد فقهاء.
أعلن اللواء توفيق أبو نعيم فور وقوع عملية الاغتيال البدء بعملية أمنية واسعة حملت اسم "فك الشيفرة"، خلالها ألقي القبض على القَتلة الذين اعترفوا أمام المحكمة وأمام الجمهور قبل دقائق من تنفيذ حكم الإعدام بحقهم بارتكابهم جريمتهم، إلى جانب اعتقال 45 عميلًا آخرين للاحتلال شاركوا أيضًا في اغتيال عدد من قادة وعناصر المقاومة من الفصائل المختلفة.
وهكذا يتلقى العدو الغادر ضربة أمنية نَجلاء في عملية تُمثل مُنعطفًا لمرحلة جديدة عنوانها: "الحَسم والمبادرة"، ويختم اللواء أبو نعيم بتأكيده أن الاحتلال هو الذي خطط لعملية الاغتيال من البداية حتى النهاية، ويتحمل المسؤولية الكاملة عن ذلك، وأن عملية "فك الشيفرة" متواصلة لاجتثاث العُملاء وحماية الجبهة الداخلية.