فلسطين أون لاين

في فلسطين.. حلوى "الملبن" تمتزج بالنكهة التركية

...
غزة-ريما عبد القادر:

من المحال أن تسير في مدخل سوق "القطانين" التاريخي العريق المعروف بالسوق "العتم" القريب جدًّا من المسجد الأقصى المبارك ولا تجد بائع الملبن هناك، لتشعر أن الأمر ارتبط بموروث فلسطيني أصيل تناقل من جيل إلى جيل؛ فهو نوع من الصمود، أي أكثر من مجرد حلوى.

وأصل صناعته مدينة الخليل التي تشتهر بزراعة العنب، لكن وجوده في القدس يؤكد وحدة الشعب وتكامل الصناعات الفلسطينية التي توارثها الأحفاد من الأجداد.

الملبن الخليلي

ويمتاز الملبن بطعمه الطيب جدًّا، الذي استشعرته مراسلة "فلسطين" عند تناوله للمرة الأولى في مدينة القدس، حيث طعمه كان أكبر من مجرد حلوى؛ فرائحته تجمع صناعة أنامل الأجداد، وصمودهم أمام الاحتلال.

وحلوى الملبن رقائق يمتزج فيها اللونان الذهبي والترابي، فتكتسب لونًا جميلًا يكون قريبًا من لون تراب الوطن، سمكها غالبًا لا يتجاوز (2 مليمتر)، وصناعتها تقليد سنوي عند الانتهاء من موسم العنب، فالخليل من المدن الفلسطينية العريقة التي تشتهر بزراعة العنب.

وتتمثل طريقة صناعته في قطف العنب الأبيض وغسله جيدًا، وبعدها تأتي مرحلة عصره، وبعد عملية العصر يصفى ثم يسكب في وعاء، وبعدها يوضع على النار ليغلي، ويدخل بعد ذلك في مرحلة التصفية.

وعصير العنب المستخرج بعد غليه يوضع في وعاء آخر، ويذاب النشا وعصير العنب، ويوضع عند غليان عصير العنب المصفى تدريجًا حتى يتماسك الخليط، ويضاف له حبة البركة أو القريش أو الصنوبر مع القليل من اليانسون، ثم يُمد هذا الخليط وهو ساخن على أكياس من النايلون بشكل رقيق، ويترك ما يقارب أربعة أيام تحت أشعة الشمس.

وبعد أن تصبح طبقة صلبة تقطع بشكل مربع، وتدخل بعد ذلك في مرحلة التغليف بأكياس النايلون، ويكون في هذه الحالة جاهزًا للأكل والتخزين.

وحلوى الملبن من الحلويات المفضلة، خاصة في فصل الصيف، نظرًا لأنها تمد الجسم بالطاقة.

الملبن التركي

الملبن الذي اشتهرت بصناعته مدينة الخليل كذلك يصنع في تركيا، ولم يمنع بعد المسافات دخول طعمه الطيب إلى قطاع غزة، فأصبح معروفًا باسم الملبن التركي الذي يمتاز بطعمه اللذيذ جدًّا، ويسمى أيضًا الحلقوم.

ووفقًا للرواية التاريخية، يُحكى أنّ أول وصفة للحلقوم التركي كانت بعدما أمر أحد السلاطين بصناعة حلوى فريدة من نوعها لإرضاء زوجته، فعمل مَن في القصر على مزج العسل والدبس والنشا والمستكة حتى كان الحلقوم، ومن ذلك الوقت أصبح جزءًا من الحياة اليومية والمناسبات الدينية والاجتماعية عن العثمانيين.

ويُقال إنّ أوّل من صنع تلك الحلوى الشهيرة هو "حاجي بكير"، الذي افتتح متجرًا خاصًّا له في ضواحي إسطنبول بع قدومه من قرية " كاستامونو" الصغيرة في شرق الأناضول عام 1777، فما لبث أنْ وصلت شهرته إلى قصر السلطان الذي منحه وسام شرف صانعي الحلوى، وعيّنه "الشيف" الرئيس المسؤول عن الحلويات في القصر.

وصناعته تتمثل في خلط سكر خشن مع العسل وعصير الليمون والماء ويوضع عليها الفانيليا والنشا والجيلاتين، وبعد عملية خلطها يوضع على النار ثم تضاف المكسرات بحيث تمتزج المكونات وتفرد على الصينية التي يرش عليها خليط السكر البودرة والنشا، وعندما تبرد تقطع.

وباتت هذه الحلوى تعد بطعم الورد ذي اللون الأحمر، ومنها ما تكثر فيها المكسرات كالفستق الحلبي والكاجو وجوز الهند.

وطعمها اللذيذ جعل الحلوى التركية يشتهر وجودها في قطاع غزة، فمنها ما يستورد من تركيا إذ عليها إقبال كبير لمذاقها الطيب، ومنها ما يصنع من المكونات التركية، مثل الإكثار من إضافة ماء الزهر، والورد الذي يعطي نكهة فلسطينية مع الطعم التركي اللذيذ.

وحلوى الحلقوم من الحلويات التي تناقلت من أيدي الأجداد إلى الأحفاد، فهي مرغوب في تناولها في كل المناسبات، خاصة رمضان، وتقدم هدايا رمضانية مرحبًا بها، فلها طعم خاص حينما تمتزج مع رائحة القهوة العربية.