في الوقت الذي يُسرع فيه الاحتلال الإسرائيلي من محاولاته المكوكية لتهويد حي الشيخ الجراح في مدينة القدس المحتلة، والاستيلاء على بيوت سكانه الأصليين ومنحها للمستوطنين، يواصل أهالي الحي والمقدسيون الوقوف أمام جرائمه، في حين تقف السلطة عاجزة عن استخدام أدواتها القانونية لمواجهة مخططاته رغم المطالب المتكررة لها بالتحرك دوليا لنصرة القدس.
وعملت الأردن الذي وقّع معه أهالي الحي المقدسيون اتفاقية بعد عام 1948، على التصديق على ملكيتهم لتلك البيوت، وإرسال الوثائق إلى أهالي الحي، في خطوة تثبت ملكيتهم لها في مدينة القدس.
ويطالب أهالي حي الشيخ جراح السلطة بالتحرك دوليا من خلال رفع دعوى قضائية أمام المحكمة الجنائية الدولية وليس فقط مخاطبتها، ومخاطبة الاتحاد الأوروبي، ومجلس الأمن، للتحرك لوقف قرار الاحتلال الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الاستيلاء من بيوت المقدسيين في الحي.
وتأتي قرارات الاحتلال طرد أهالي حي الشيخ جراح، ضمن مخطط لتهويد مدينة القدس، بالإضافة إلى هدم البيوت والاستيلاء على الأراضي، وتقديمها لصالح جمعيات استيطانية متطرفة.
جرائم ضد الإنسانية
الباحثة القانونية في مؤسسة "الحق" أسيل غبن، أكدت أن السلطة مطالبة بتوجيه ضغط سياسي مكثف على جميع الدول القوية في العالم، التي لها تأثير في سلطات الاحتلال، خاصة دول الاتحاد الأوروبي، وتذكيرها بواجبها وفق القانون الدولي في التعامل مع ما يحدث في حي الشيخ جراح.
وقالت غبن في حديث لصحيفة "فلسطين": إن المنظمات الدولية والقانونية تساند وقف إخلاء المقدسيين من بيوتهم وطردهم، لذلك يجب الذهاب إلى تلك المنظمات ومخاطبتها باستمرار بهدف الضغط على الاحتلال.
وأوضحت أن إخلاء المقدسيين من بيوتهم يعد وفق القانون الدولي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إضافة إلى أنه أحد أشكال التهجير القسري.
وبينت أن سكان حي الشيخ جراح تحركوا وحدهم لوقف إخلاء بيوتهم من خلال إرسالهم رسالة بالشراكة مع 191 منظمة دولية إلى المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية للمطالبة بالإدراج العاجل للتهجير القسري الوشيك لهم من الحي، في إطار التحقيق الجاري للحالة في فلسطين.
فصل عنصري
المدير التنفيذي في الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني، سامر موسى، أكد أن السلطة مطالبة بالتحرك دوليا عبر محكمة العدل الدولية، والمقرر الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والاتحاد الأوروبي، لممارسة ضغط على الاحتلال ووقف سياساته في مدينة القدس، التي آخرها تهجير سكان حي الشيخ جراح والاستيلاء على منازلهم.
وقال موسى في حديث لـ"فلسطين": إنه بعد تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" الذي يتهم سلطات الاحتلال باتباع سياستي الفصل العنصري والاضطهاد بحق الفلسطينيين، يجب على السلطة التحرك سريعًا من خلال المنظمات الدولية.
ولفت إلى أن سلطات الاحتلال تنتهج أسلوب الخداع في التعامل مع قضايا طرد المقدسيين من بيوتهم من خلال الادعاء أمام المجتمع الدولي بأن ذلك قرار محاكم وليس لها علاقة به، مشيرا إلى أنه يجب على السلطة إظهار العلاقة المشبوهة بين السلطتين القضائية والتنفيذية في دولة الاحتلال.
وبين أن السلطة لديها مشكلة في التحرك بشأن انتهاكات الاحتلال أمام المجتمع الدولي، حيث تتحرك بعد وقوع الجريمة أو خلال وقوعها، بمعنى أنه بعد طرد سكان حي الشيخ جراح من بيوتهم، ربما تبدأ بمخاطبة العالم.
وأوضح أن السلطة ووزارة خارجيتها لديهما مشكلة بعد إعلان رئيس السلطة محمود عباس الانضمام لاتفاقيات الأمم المتحدة، حيث لا يوجد لديهما خطة استراتيجية لتوظيف تلك المنظمات الحقوقية لخدمة القضية الفلسطينية.
ومنذ عام 1956 تعيش عشرات العائلات الفلسطينية في حي الشيخ جراح الذي وصلت إليه بعد نكبة عام 1948.
وأقامت تلك العائلات في الحي بالاتفاق مع الحكومة الأردنية (التي كانت تحكم الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس، قبل احتلالها عام 1967) ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

