الذي يتحكم بمصيرنا نحن الفلسطينيين، هو الاحتلال، والذي يقرر بشأننا ويغلق معابرنا ويفتح قبورنا ويغلق بوابات سجوننا هو الاحتلال، والذي يصادر مواردنا ويستغل طاقاتنا ويهدر كفاءاتنا ويحجر علينا دون استخدام حقول غازنا هو الاحتلال، والذي يتحكم بالزائر إلى بلادنا والداخل والخارج إلى أرضنا هو الاحتلال.
فتعالوا أيها الفلسطينيون نقاتل الاحتلال كالبنيان المرصوص، تعالوا لنواجه عدونا الأوحد معًا، ولا نقف مكتوفي الأيدي عاجزين، فمقاتلة الاحتلال هدف يجب أن تلتقي عليه كل القوى الفلسطينية، ولا عذر أو مبرر لأي تنظيم أو شخص أو عائلة أو مؤسسة تقول: ما لنا طاقة، ولا نريد أن نخترق الاتفاقيات، ولا قدرة لنا على مقاتلة الاحتلال وحدنا، اذهبوا أنتم وربكم وقاتلوا الاحتلال، فاقتلوه أو ليقتلكم، فإنا ها هنا منسقون.
الاحتلال عدو الجميع، ويأكل لقمة الخبز من فم الجميع، ويسد منافذ التطور والتحضر في وجه الجميع، وليت الأمر وقف عند هذا الحد من الحصار والاحتقار والاستخفاف بنا والاستهتار بقرارنا وتوافقنا، بل تجاوز الاحتلال ذلك، وراح يحضر لنا مستقبلاً على هواه، وراح يعد لنا أيامنا وفق مصالحه وأطماعه، وراح يصادر أرضنا، ويحبس مياهنا، ويخنق أنفاسنا، ويحاصر مستقبلنا، وهذا ما يجب أن نقف إزاءه صفاً واحداً، من اليسار إلى اليمين، دون الالتفات إلى الجهة التي لها القرار، فيكفي أن نلتقي على مقاتلة الاحتلال، لنسلم القيادة لمن تصدر هذا المشهد، وأعلن بصوت جهوري، نعم لمقاتلة الاحتلال.
ولا عيب أن نتعلم من حيوانات الغابة، حين تحاصرها الوحوش، وتريد أن تفترس أحدها، تصطف الحيوانات معاً كالبنيان المرصوص، وتشحذ قرونها، وتبدي الاستعداد للمواجهة، ولم يحدث أن خرج ثور كبير، وقال لبقية الثيران، أعطوا الوحوش أضعفنا، أو سلموا للوحوش أصغرنا، كي ننجو بحياتنا، على العكس، تقف الثيران القوية لتدافع عن الضعيف، وأحياناً يقع الثور الشجاع فريسة بين أنياب الوحوش، وهو يدافع عن القطيع، ولا عيب أن يتعلم الإنسان من الحيوان، فتعالوا نتعلم من الثيران أن لا مهادنة بين لحمنا الفلسطيني وأنياب الاحتلال، ولا مصالحة بيننا وبينهم، ولا مساومة على مراعينا مع الطامعين بشحمنا، تعالوا نتفق أنه لا مفاوضات بين الوحوش الكاسرة والثيران الحاسرة عن القوة دون الاصطفاف، ودون التكاثف خلف قرار مقاتلة الاحتلال.
ومن العار أن يظهر بيننا من يرفض مقاتلة الاحتلال، أو من يدعي مسالمة الاحتلال، أو من يطالب باللجوء إلى مملكة الثعالب كي تخلص لحمنا من بين أنياب المحتلين، ومن العار أن يسلم بعضنا بعدم القدرة على مقاتلتهم، والصراخ في وجوههم بصوت الحق، فالثيران في الغابة تصرخ، وتستغيث ببعضها حين يهاجمها الوحش، ولم يحدث أن سلم ثور رقبته للوحوش طائعاً خانعاً خاضعاً مسالماً، يظل الثور يقاتل ويصارع حتى الرمق الأخير، وفي مرات كثيرة، تصل إليه النجدة، ويفزع له القطيع، فينجو لأنه لم يستسلم، ولم يساوم، بل صارع، واستغاث، وصرخ، وتمرد، وواجه عدوه ببأس دون يأس، ولم يقدم رقبته فريسة للآكلين.
ملحوظة: ما أسعد الاحتلال الإسرائيلي بسلطتنا نحن الفلسطينيين!
في الصباح، ننظف أسنانه بالمسواك، ونطهر ثوبه من خطايانا، ونقدم له فنجان القهوة على طبق من الأسرار، وعند الظهيرة نمسد شعر الاحتلال بأنامل الطاعة، ونقف بين يديه خانعين، وفي المساء، نرش العطر تحت إبطه، ونمسح على جبينه بهمسات الأمن والسلامة، ولا نتركه يشكو الوحدة، سلطتنا تتسلل إلى فراشه، أو نتذلل إليه كي يأتي بسلاحه لينام في فراشها!