رئيسنا محمود عباس ابن الرابعة والثمانين يفقد أعصابه في لقاء له بمركزية حركة فتح. الرئيس كان يشتم الصين وروسيا وأمريكا وكل العرب تحت كاميرا جوال تعمل ربما بخلسة مع تسجل صوتي.
ما قام به عضو المركزية من تذكير الرئيس بالذكرى المئة لسيطرة الحزب الشيوعي على البلاد مما يستدعي التهنئة أمر لا يستدعي هذا الغضب، وهذا الانفعال، وتلك الشتائم التي اعتدنا أن نسمعها في الشوارع: يلعن أخت الصين وروسيا وأمريكا والعرب. هل عاد رئيسا من قصر الدبلوماسية المفروش بالحرير إلى الشوارع والأزقة؟
من ذكرهم الرئيس بالشتيمة، عدا بعض العرب، ربما يستحقون ذلك أو أكثر، وللرئيس أن يشتمهم في غرفة مغلقة لا تحت الكاميرا. وأنا أعلم أنه لم يشتمهم بسبب ما ذكره عضو اللجنة، بل هو شتمهم لأنه طفح الكيل، أو لأنه لا يريد مقاطعة من أحد.
لذا أقول فيما حدث على نحو ما نشر فيه خطآن: الأول أن في حاشية الرئيس ومركزيته التي يفزع إليها من يتربص به الأذية، ويسجل له بالصوت والصورة، ثم بالنشر دون أن يشعر بخطر على القضية ولا بندم عما يفعل. حاشية الرئيس الأولى معطوبة، لا تعطيه دفئا في الشتاء، ولا برودة في الصيف، هي حاشية شوهاء.
والخطأ الثاني هو كيف لعباس نفسه، وهو الأكثر زيارة لهذه الدول، وهو الأكثر مدحا لها، كيف له أن يقع في هذا الخطأ، وكيف له أن يلتقي بمن شتمهم إذا ما اقتنعوا هم بالفيديو وأرسلوه إليه؟ أنت تلقيت مؤخرا مساعدات طبية ضد كورونا من الصين ومن روسيا، وما زلت في حاجة لمزيد من هذه الإضافات، فكيف تشتم؟ الصين لا تحتل القدس، وروسيا لا تحتل رام الله. (إسرائيل) هي التي تحتل رام الله والقدس، ولو شتمت (إسرائيل) علنا لتقبل الناس ذلك، ولكن أنت لم تأتِ على اسم (إسرائيل)، وشتمت غيرها في حين أنهم هم من سيكونون حاضرين في دعوتك لمؤتمر دولي لرعاية المفاوضات.
مشكلة عباس كبيرة. ولكن ليست مع الدول التي شتمها، فهو يمكنه أن يصلحها بسهولة، ففي بعض مذكرات قادة الدول ما يكشف لك أن كثيرًا من الرؤساء هم أولاد شوارع وبلطجية، ولكن مشكلته مع من لا يحبه وهو يجلس إلى يمينه أو شماله ويعمل ضده. كيف سيحل مشكلته معه؟ لست أدري!