فلسطين أون لاين

بالرسم والكتابة.. جدران السجون تتحول إلى "لوحة فنية رمضانية"

...
القدس المحتلة-غزة/ هدى الدلو:

قبل ثبوت هلال رمضان يستعد الأسرى لاستقباله لإدخال الفرحة على قلوبهم في حدود الإمكانات التي بين أيديهم، فيصنعون الزينة من أوراق الجرائد أو المجلات، ويعدون الحلويات البسيطة، وآخرون يجهزون الخيمة أو الغرفة، ويخطون رسومات على حيطان الأسر أو بطاقات تهنئة، وغيرها من المشاهد التي من شأنها أن تسعدهم.

الأسير المحرر حازم حسنين (39 عامًا) من حي الشجاعية شرق مدينة غزة، قضى محكوميته البالغة (16) عامًا في سجون الاحتلال.

يقول لصحيفة "فلسطين": "صناعة الزينة احتفالًا بقدوم رمضان كانت على نطاق ضيق، ويختلف الوضع عند الأسيرات والأشبال عن أقسام الأسرى الأخرى، خاصة أصحاب الأحكام العالية، بمعنى أنه قد يكون عندهن وعند الأشبال إمكانات وأدوات غير موجودة لدينا".

ويشير إلى أنه في بعض الرمضانات التي تتوافر فيها بعض الإمكانات البسيطة يجهز الأسرى الزينة من أوراق دفاتر الرسم، بالرسم عليها، وكتابة بعض الشعارات وتعليقها على جدران الأسر.

ويوضح حسنين أن الذي يتولى تلك المهمة اللجنة الفنية، وتكون الشعارات عبارة عن آيات قرآنية تتعلق بشهر رمضان وفضل الصيام، وأحاديث نبوية وأبيات شعرية، ويُعكف على إعداد ذلك قبل قدوم رمضان بأسبوع.

ويلفت إلى أنه في بعض الأحيان تُعد مجلة تحتوي على مقالات وشعارات ومواعظ، وهي خاصة بشهر رمضان تكتب بخط اليد، ويكون حجمها كالدفتر بالضبط، والمميز فيها أنه يمكن تمريرها على غرف الأسرى بحيث يستفيد منها أكبر عدد منهم.

ويبين حسنين أنه يفترض أن تكون المجلة دائمًا، لكن الذي يحكم صدورها الإمكانات ونشاط اللجنة الفنية، إلى جانب ذكريات الأسرى.

وعلى بساطة الزينة التي يصنعها الأسرى لاستقبال رمضان تترك أثرًا نفسيًّا جميلًا، وتساهم في تذكيرهم بفضيلة الشهر والذكر والتسبيح، فتكون كالموعظة، وتنشط الشباب وتذكرهم وتحفز الهمم نحو استغلال رمضان، واستشعار قيمته رغم السجن.

وينبه حسنين إلى أن هذه الزينة البسيطة تضفي جوًّا على الأسر، وتحاول قهر السجان بأنهم ليسوا مغيبين.

والجميل في الأمر أن جدران الأسر وتشققاتها التي اعتادت تحمل الظلم والقهر وضياع سنوات العمر تصبح في رمضان أشبه بلوحة فنية.

ويتابع حسنين: "الزينة غالبًا ما تكون فقط ورقيات ترسم أو تكتب بخط جميل حسب الإمكانات ووجود خطاطين، تكون مليئة بالورود والتهاني والمواعظ والكلمات الجميلة، وأتذكر من تلك الإبداعات التي تظهر خاصة في العيد حبل الرايات الخضراء، فيوجد في (الكنتينا) أكياس خضراء للقمامة، كنا نقصها على أشكال هندسية كمثلثات مثلًا، ونعلقها في الساحة".

ويشير إلى أن هناك الكثير من الأفكار، ولكن لكل سجن ظروفه؛ فالخيم تختلف عن الغرف، مفسرًا: "على كليهما رقابة يومية، لكن في الثانية تكون أكثر عنفًا إلى درجة أن السجان يمزق كل ما يصنعه الأسرى، ويشدد عليهم بذريعة أنهم من أصحاب الأحكام العالية".

استخدام الكرتون

أما الأسيرة المحررة منار الشويكي (21 عامًا) من بلدة سلوان في القدس المحتلة فأسرها الاحتلال سنة 2015، وكانت في حينه قاصرة، وحكم عليها بالسّجن مدة ست سنوات.

تذكر الشويكي في حديث إلى صحيفة "فلسطين" أن الأسيرات في السنوات التي قضتها في الأسر كن يعمدن إلى صناعة الزينة من أجل الأسيرات القاصرات، بهدف إدخال الفرحة والبهجة على قلوبهن بقدوم هذا الضيف العزيز.

وتقول: "كن يصنعن لنا الفوانيس بأبسط الإمكانات من الكرتون، ويعلقن اللافتات المكتوبة بخط اليد على جدران الأسر، وأحبالًا من الشبر، ويشاركننا في رسم النجوم والهلال وقصها وتعليقها، ولكن في بعض الأحيان كانت إدارة السجن تمنعنا من تعليق الزينة".

وتتابع الشويكي: "مع قدوم شهر رمضان كنا نفتقد عوائلنا والأجواء الرمضانية بالخارج، والجمعات، ولكن لم نسمح لتلك الأمور أن تسيطر علينا، فنعمد إلى فرض جو خاص بالأسيرات، فقبل شهر من ثبوت هلاله نبدأ تبادل التهنئة، وسرد ذكريات رمضان، وإعداد قائمة الأكلات التي يمكننا صناعتها".

وتستذكر أن الأسيرات كن يحاولن التشارك في إعداد طعام الإفطار لمعايشة الجو العائلي.