فلسطين أون لاين

أسيرة منذ أكثر من ست سنوات

الطفلة أميرة.. أخت وأم لأسرتها في غياب والدتها القسري

...
غزة/ ريما عبد القادر:

لا يزال الحلم يراود أفئدة أبناء وزوج الأسيرة نسرين أبو كميل، بأن تحتضنهم على مائدة الإفطار، ويزداد الحنين في هذه الأيام المباركة، خاصة أنها كانت شمعة البيت التي تضيء حياتهم بالسعادة والأجواء الجميلة التي كانت تحرص على توفيرها لعائلتها في رمضان.

هذا جعلها تحل في دعائهم قبل أي شيء بأن يفك أسرها وتعود إلى أحضانهم قريبًا.

الأم الصغيرة

غياب نسرين في الأسر أثقل كاهل ابنتها أميرة التي باتت تحل مكانها قدر الإمكان، وبدت تكبر في سنوات عمرها، لتعوض إخوتها عن أمهم ولو قليلًا، خاصة أن شقيقها أحمد كانت سنه ثمانية أشهر فقط، فكانت له أمًّا رغم أنها كانت تشير إلى صورة والدتهما وتقول له: "هذه ماما".

السنة الأول للأسر كانت أميرة سنها لا تتجاوز 11 عامًا، ورغم ذلك حاولت بمساعدة والدها قدر المستطاع أن تكون أمًّا للجميع؛ فهي أول من تستيقظ وآخر من تنام، إذ تقول أميرة (17 عامًا) لصحيفة "فلسطين": "أحاول أن أهتم بعائلتي ما أمكن، فأتابع دروسهم واحتياجاتهم المختلفة حتى أخفف عنهم وجع غياب والدتنا".

وتشعر بأنها قد كبرت بسرعة نظرًا لحجم المسؤولية التي تقع على عاتقها بمساعدة والدها، فلم تفكر يومًا أن تكون أمًّا لإخوتها، إذ توضح أنها كانت في وجود والدتها تهتم بهم عندما تغادر البيت مؤقتًا، أما اليوم فغيابها تجاوز ست سنوات.

مائدة الإفطار باردة

أميرة ما زالت في المرحلة المدرسية، لكنها لا بد أن تتبع واجبات إخوتها وتهتم بكل صغيرة وكبيرة لهم، وتحاول أن تكون أمًّا في الحنان لهم.

أيضًا تعمل على أن تفعل ما عودتهم إياه والدتها، خاصة في رمضان، مبينة أنها تتعمد طهو أكلة المقلوبة التي أجادت إعدادها وتعلمتها من أمها؛ فهي بذلك تشعر أفراد عائلتها أن أمهم ما زالت بينهم.

وبعد صمت يظهر شوقها العميق لوالدتها تقول: "أشتاق لها كثيرًا؛ فقد كانت تصنع أجواء تشع بالفرح بوجودها، خاصة في رمضان، وتحرص على زينة الشهر الجميلة".

وتتابع في كلماتها المشتاقة: "أجواء رمضان تمر صعبة في غياب أمي، فحينما نأكل على مائدة الإفطار يكون الطعام صعبًا أن يبلع؛ فالجميع يتشارك في الشعور نفسه، والسؤال: هل ماما تأكل الآن؟ هل يوجد طعام لتفطر به؟".

هذا الأمر الذي يجعل الحزن يخيم عليهم، خاصة أنهم لم يروها منذ أن زجها الاحتلال في سجونه، أي منذ أكثر من ست سنوات، والأصعب من ذلك أنه لا يوجد تواصل معها ولا يعلمون عنها شيئًا إلا من أهالي الأسرى في الضفة، حينما يزورون ذويهم في الأسر، فإنهم يسألون عن أمهم ويبلغونهم بحالها بعد الانتهاء من الزيارة، أي أنهم بذلك لم يحرموا الزيارة فحسب؛ بل سماع صوتها أيضًا، ما يزيد من القلق والخوف عليها.

ولا يزال الدعاء حاضرًا في كل يوم من أيام رمضان المباركة بأن تحرر والدتهم وتعود إليهم، إذ تقول أميرة: "كل يوم -خاصة هذه الأيام المباركة- قبل أن نفطر لا بد أن يكون الدعاء لماما بأن تعود إلينا، فقد اشتقنا لها كثيرًا".

وأميرة أمثالها كثير من أهالي الأسرى الذين تكتوي أفئدتهم بنيران الشوق إلى أمهاتهم وأبنائهم وأزواجهم، الذين حرمهم الاحتلال حضور مائدة إفطار رمضان مع عائلاتهم.