أجرى وزيرا الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، والإسرائيلي غابي أشكنازي، محادثة هاتفية قبل أيام، تناولت الانتخابات الفلسطينية، وعلى الرغم من مزاعمهما أنهما لن يعملا على إحباطها، فإن كبار المسؤولين الإسرائيليين يعترفون أن الحكومة في (تل أبيب) والإدارة في واشنطن تأملان أن يؤجل الفلسطينيون تلك الانتخابات بأنفسهم.
لعل ما يقف خلف هذا الاتصال بين تل أبيب وواشنطن بشأن الانتخابات الفلسطينية، ما يتردد من قلق متزايد لديهما إزاء فوز حماس المحتمل في الانتخابات، لكنهما يمتنعان عن قول ذلك علنا، حتى لا يتم اتهامهما بمحاولة إفشال الانتخابات.
بدا لافتا، على الأقل وفق المعلومات الإسرائيلية المتداولة، أن الاتصال الهاتفي بين بلينكن وأشكنازي، تخللته مخاوفهما المشتركة أن الانقسام الداخلي داخل حركة فتح سيضعف الحزب الحاكم لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ويمهد الطريق أمام حماس، ورغم أن الجانبين لن يتخذا خطوات فعالة للقيام بذلك فسيكونان سعيدَيْن إن أجَّل الفلسطينيون الانتخابات بمبادرتهم الخاصة، في إشارة لا تخطئها العين لما يتردد في المحافل الفلسطينية عن وجود توجه ما، ولو في نطاق ضيق بشأن تأجيل الانتخابات تحت ذرائع شتى.
يراقب الإسرائيليون تفاصيل الانتخابات الفلسطينية، وتقديم 36 قائمة لمرشحيها للمجلس التشريعي، لكن حركة فتح التي يقودها عباس ما زالت تشهد انقسامات، وتقدمت عدة قوائم منفصلة تابعة لها، ومنشقة عنها، وكما قبل انتخابات 2006، فقد تسببت الاشتباكات الداخلية داخلها بحدوث شقاق بين كبار مسؤوليها، وألحقت أضرارا بحملتها الانتخابية، كما يحصل اليوم مع مروان البرغوثي وناصر القدوة ومحمد دحلان.
نحن أمام المحادثة الأولى بين أشكنازي وبلينكين التي تتناول الانتخابات الفلسطينية، وتأمل (إسرائيل) أن يكون هناك مزيد من المناقشات في هذا الموضوع في الأسابيع المقبلة، وتخشى أن تجعل إدارة الرئيس جو بايدن مسألة الانتخابات ذات أولوية منخفضة، ولا تأخذها بجدية كافية.
مع العلم أن إدارة بايدن ليس لديها بعد سياسة منظمة بشأن الانتخابات الفلسطينية، ويبدو أن الخط العام بشأن هذه القضية تم تحديده منذ الرئيس دونالد ترامب، ولم يتغير منذ ذلك الحين، لكن إجراء انتخابات ديمقراطية موضوع يحتاج الفلسطينيون لاتخاذ قرار بشأنه، رغم أن القضية الرئيسة المطروحة حاليّا على الطاولة فيها مرتبطة بما إذا كان سكان القدس الفلسطينيون سيتمكنون من المشاركة فيها.
صحيح أن (إسرائيل) سمحت بالفعل للمقدسيين بالمشاركة في انتخابات 2006، لذلك لا يوجد أي عائق أمام السماح بذلك حتى الآن، ولذلك بدأ مستشارو "أبو مازن" حملة تتعلق بمشاركتهم فيها، رغم أن أي إعاقة لهم قد تكون إشارة تمهد الطريق لتأجيلها، فلا يمكن إجراؤها دون تصويت سكان القدس أيضا، رغم أن (إسرائيل) لم تعترض على إجراء الانتخابات في هذه المنطقة الحساسة.