مضى علينا قرابة 15 عاما ونحن نتحاور لإعادة اللُحمة الوطنية وإنهاء الانقسام، وبالكاد نجحنا في ذلك، ولكننا لم نجلس معًا ولو لمرة واحدة لنتدارس كيفية التصدي للاحتلال الإسرائيلي وجرائمه، وهذا الأمر يؤكد حاجتنا الماسة لإنجاز الانتخابات وإنهاء الانقسام والتفرغ لمواجهة التحديات الحقيقية وعلى رأسها الاحتلال الإسرائيلي.
الاحتلال الإسرائيلي لم يوقف جرافاته ومعداته الثقيلة لحظة واحدة في شق الطرق وتجريف الأراضي الفلسطينية من أجل بناء المستوطنات وخاصة في محيط مدينة القدس، وتراهن دولة الاحتلال على تآكل رد الفعل الفلسطيني الرسمي والدولي على تنفيذ الاحتلال للمشاريع الاستيطانية، وأنا أجزم أنه ما من رد حقيقي، لا من الجانب الفلسطيني ولا الدولي ضد جرائم الاحتلال، ومع ذلك نحن على يقين تام بأن مصير المستوطنات في الضفة الغربية كمصير المستوطنات في قطاع غزة، فالذي أخرج المستوطنين من غزة ليست السلطة الفلسطينية بجهودها في الأمم المتحدة، ولا المجتمع الدولي الذي أخرج المحتل من غزة بل خرج المحتل بقوة الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة.
أول أمس قُتلت امرأة فلسطينية مُسنة في مدينة الخليل دهسها مستوطن إسرائيلي، ولا يكاد يمر شهر إلا وتتكرر الحادثة مرة أو أكثر، ومع ذلك لا تتحرك السلطة الفلسطينية، وإنما فقط يتحرك لسانها بالشجب والاستنكار، وكذلك لا تتحرك الفصائل فنشاطاتها في الضفة الغربية شبه معطلة، وهذا لا يعني أن الدم الفلسطيني رخيص، وإنما يعني أن القيادة الفلسطينية لا تقدره حق تقديره، لذلك نحن نطلب من القيادة ومن قادة الفصائل أن يتحركوا ضد جرائم الاحتلال نصرة للمظلومين والمستضعفين ونصرة لشعبهم وقضيتهم، نحن لا نطالب السلطة بإعلان الحرب، ولكن عليها أن تتصرف بطريقة ما لتوقف تلك الجرائم، نريدها أن تتصرف بطريقة صحيحة حتى يشعر المواطن أن هناك من يهتم به ويخاف على أمنه ومصالحه، لا بد أن يشعر المواطن الفلسطيني بانتمائه إلى إطار وطني يفرض عليه احترامه وتقديره ولا يفرض عليه فقط شتى أنواع الضرائب.
من أجل كل هذا لا بد من إنجاز الوحدة الوطنية وإنجاز الانتخابات والقبول بها وبمخرجاتها والمُضي قدما في الطريق الصحيح، لأن الوضع الحالي لم يعد مقبولًا ولن يبقى الحال على ما هو عليه، والشعب قادر على التغيير للأفضل بغض النظر عن الوسائل المستخدمة.