رأى خبراء قانونيون استبعادَ هيئة محكمة الانتخابات الأسير حسن سلامة من قائمته الانتخابية، تجاوزًا لمراعاة خصوصية الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وأعلنت هيئة محكمة الانتخابات في مدينة غزة، أول من أمس، استبعاد الأسير سلامة من قائمة "القدس موعدنا"، وبررت ذلك بكونه غير مسجل في سجل الناخبين النهائي.
وعقد رئيس الهيئة المستشار فايز حماد، جلسة خاصة بالطعن الثاني الذي يحمل رقم 2021/5، والمتعلق برفض لجنة الانتخابات اعتراض حركة حماس على قرار اللجنة القاضي برفض ترشح الأسير حسن سلامة على قائمته الانتخابية.
وبحسب الخبير في الشأن القانوني نافذ المدهون، فإن القانون "لم يكن السبب الرئيس الذي أدى إلى اتخاذ الهيئة قرارها".
وعزا ذلك إلى أن هيئة الدفاع عن الأسير سلامة "أثبتت أمام المحكمة أن هناك قوّة قاهرة كانت تُمارَس عليه، ووجود حُكم بحبسه انفراديًا لمدة عامين".
وأوضح المدهون لصحيفة "فلسطين"، أن المحكمة تجاوزت كل هذه المبررات القانونية واستندت إلى القانون الذي وُضع في الغرف المغلقة ولم يُشارك فيه أي فصيل سوى حركة "فتح".
وبيّن أن القانون وُضع عام 2007 -في الغرف المُغلقة بعيدًا عن المجلس التشريعي- وصدر قرار بقانون من الرئيس محمود عباس، لم يأخذ بالاعتبار خصوصية قضية الأسرى.
ونبه المدهون إلى أنه لا توجد مادة واحدة في القرار بقانون رقم (1) لسنة 2007، بشأن الانتخابات العامة تتحدث عن الأسرى في سجون الاحتلال، علمًا بأنهم الفئة الأهم في المجتمع الفلسطيني.
وأضاف: هذا الأمر يثبت أن واضع القانون أراد إرضاء الاحتلال وإخراج الفئة الأهم من أبناء شعبنا، الذين من حقهم المشاركة السياسية في الانتخابات.
وقال: "القانون أداة في يد لجنة الانتخابات تستخدمه متى تشاء بالمخالفة والنص دون الاجتهاد".
وشدد على أنه لا يجوز تطبيق شروط حركة (فتح)، التي اشترطت أن يكون المرشح ممن يلتزم أن منظمة التحرير هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، في حين "أن الأسير سلامة ينتهج برنامج المقاومة الذي تخلت عنه المنظمة في اتفاقية أوسلو".
ووصف المدهون ما جرى مع الأسير سلامة بأنه "خلل وطني وأخلاقي، وانحطاط للقضاء والسلطة التنفيذية، ووصمة عار في جبين هؤلاء القضاة".
وأكد أن قرار حرمان الأسير سلامة الترشح للانتخابات لا يقل خطرًا عن قرار المحاكم العسكرية الإسرائيلية التي حرمت الأسيرَ ممارسة حقه في الانتخابات والترشح.
وبيّن أن قرار هيئة محكمة الانتخابات يعني عدم مراعاة خصوصية "قضية الأسرى"، مؤكدا أنه كان من الأفضل وطنيا وقانونيا أن تراعي المحكمة تلك الخصوصية في إجراءات التسجيل والترشيح والانتخاب.
ودعا المدهون الكل الوطني إلى التضامن مع الأسرى، لضمان منع تكرار ذلك، وإعادة قيد الأسير سلامة على قائمته.
قرار خاطئ
وقال نائب المدير العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بغزة جميل سرحان: إن لجنة الانتخابات أخطأت في قرارها منع "سلامة" المعتقل في سجون الاحتلال منذ أكثر من 26 عاما من الترشح للانتخابات.
وأضاف سرحان عبر صفحته في "فيسبوك"، أن لجنة ومحكمة الانتخابات نفذتا النص القانوني الذي يؤكد أن التسجيل شرط لقبول الترشيح، مشيرًا إلى أنها لم تنظر للحكمة من هذا الشرط، ولم تستطع فهم النصوص وتطبيقها وتفسيرها لتطبيق الديمقراطية في مواجهة الاحتلال.
وتساءل: "هل من المعقول معاقبة حسن سلامة لفشلكم في تسجيله أو تسجيل جميع المعتقلين؟".
وأكد سرحان أنّ اللجنة والمحكمة لم تفهما أن مسؤولية التسجيل في سجل الناخبين على عاتق السلطة الوطنية ولجنة الانتخابات وهيئة شؤون الأسرى، وعدم تسجيل أي معتقل في سجل الانتخابات خطؤهم جميعًا.
خصوصية الأسرى
إلى ذلك، عبّر رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد" صلاح عبد العاطي عن أسفه لقرار هيئة محكمة الانتخابات بحق سلامة، عادًّا إياه "لا يراعي خصوصية وضع الأسرى في سجون الاحتلال".
وقال عبد العاطي في تغريدة عبر "فيسبوك": "كان من المفروض وطنيا وقانونيا أن تراعي لجنة الانتخابات والمحكمة هذه الخصوصية في إجراءات التسجيل والترشيح والانتخاب وخاصة أن القوى الوطنية اتفقت في حوار القاهرة على مراعاة خصوصية الأسرى في عملية الترشيح".
وتساءل: إذا كان قرار اللجنة والمحكمة صحيحًا في تطبيق القانون، فهل ضمنت اللجنة فتح مركز لتسجيل الأسري في سجون الاحتلال؟ وهل تستطيع اللجنة فرض عملية الاقتراع داخلها؟".
من ناحيته أكد الناشط السياسي نزار بنات، ضرورة أخذ الاعتبار بقدسية قضية الأسرى، والتعامل معها تعاملًا مختلفًا عن الآخرين.
ورأى بنات في تغريدة عبر "فيسبوك"، أن ما جرى بحق الأسير سلامة، لن يؤثر في المصير الانتخابي لقائمة حركة حماس، مشددًا على أن "الأسرى أيقونة مهمة لدى الشعب الفلسطيني، ويجب أن يكون لهم حضور في الساحة السياسية".
والأسير سلامة ولد بتاريخ 9/8/1971م في مخيم اللاجئين خان يونس في قطاع غزة، وهو من قرية الخيمة قضاء الرملة وقد حصل على الشهادة الثانوية.
اعتقلته قوات الاحتلال في الخليل عام 1996، بعد مطاردته وإصابته، وحكمت عليه محكمة الاحتلال بالسجن 48 مؤبدًا وثلاثين عامًا (1175 عامًا).
وأمضى 15 عامًا متواصلة بين أقبية العزل الانفرادي، واتهمه الاحتلال بالانتماء إلى حركة حماس وجناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام، وقيادته عمليات "الثأر المقدس" للقائد القسامي يحيى عياش، التي أوقعت عشرات القتلى الإسرائيليين.