يجد ضباط الأمن الإسرائيليون السابقون وكبار الجنرالات ورجال الأعمال صعوبة في فهم تدهور العلاقات مع الأردن، نتيجة القرارات المحيرة التي أصدرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
شهدت الأيام الأخيرة بذل جهود العديد من الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية مع نظيراتها الأردنية لوقف تدهور العلاقات السياسية مع الأردن إلى أدنى مستوى منذ سنوات طويلة، وآخرها وقف الرحلات الجوية في الأجواء الإسرائيلية، ومنع الطائرات الأردنية من المرور عبر أراضيها، على الرغم من أنه من خلال تدخل مسؤولين أمنيين إسرائيليين كبار، تم القيام بخطوة استدراكية، بموجبها توقفت الحركة الجوية لمدة ساعتين فقط بين الأردن و(إسرائيل).
مع العلم أنه قبل اتفاق السلام بين الدولتين بوقت طويل، وادي عربة في 1994، اعتبر الأردن من أجهزة الأمن والاستخبارات والوزارات الحكومية الإسرائيلية المختلفة "الأخت" الصغيرة والمدعومة، ولطالما عرفت قوات أمن الاحتلال الإسرائيلية كيف تساعده، في حين "أتقنت" المملكة بالمقابل حراسة الحدود المشتركة مع (إسرائيل)، وعلى الرغم من ذلك قد قرر نتنياهو رفض طلب أردني لإمدادات المياه من (إسرائيل)، بالنظر لنقص المياه المتفاقم في المملكة، على الرغم من توصية كبار أعضاء المؤسسة العسكرية بالاستجابة له.
كما أن جهاز الموساد الإسرائيلي انخرط في عمليات سرية في الأردن، الذي حافظ على الحدود الطويلة، وحولها إلى حدود آمنة، ولذلك لا يتخيل الإسرائيليون ماذا سيحدث لو حدث ارتخاء أمني على طول هذه الحدود الممتدة بمئات الكيلومترات، ونجح المسلحون الذين يعتقلهم الأمن الأردني في التسلل لـ(إسرائيل)، ما يؤكد أن تصنيف العلاقات الأمنية بين الدولتين أنها ممتازة.
لقد أسفر عمق العلاقات الثنائية بين عمان و(تل أبيب) عن دفع كبار ضباطهما لإجراء حوارات مهنية، وأحياناً كثيرة نقاشات شخصية، ولهذا السبب تجد مجموعة من ضباط الأمن السابقين وكبار المسؤولين الأمنيين ورجال الأعمال يواجهون صعوبة في فهم تدهور العلاقات مع الأردن بسبب قرارات نتنياهو المحيرة.
كما تحسنت العلاقات الأمنية الإسرائيلية مع مصر، خاصة في سيناء، بشكل لا يقاس خلال فترة السيسي، لكن من المهم ملاحظة أن مصر السيسي تحافظ على ضبط النفس في العلاقات مع (إسرائيل)، على الرغم من أنه يكاد لا يوجد تعاون مدني، وبقية ما يحدث من علاقات أمنية واستخبارية تبقى سراً.
لقد ارتكبت (إسرائيل) جملة من الأخطاء في تعاملها مع الأردن، خاصة الصورة المشتركة بنتنياهو في تموز/يوليو 2017 مع حارس الأمن الإسرائيلي، الذي قتل اثنين من الأردنيين في مجمع السفارة الإسرائيلية في عمان، ولذلك حصل صعود وهبوط في علاقاتهما، لكن الملك عبد الله لم يعد يخفي موقفه الشخصي العدائي تجاه نتنياهو، الذي يرجح في النهاية أن يلين موقفه، ويوافق على طلب الأردن للحصول على مياه إضافية.