قالت لجنة الانتخابات المركزية إن عدد الناخبين في جميع المحافظات الفلسطينية بلغ 2،6 مليون صاحب حق اقتراع تقريباً، وإن أصحاب حق الاقتراع في محافظة القدس يقدر عددهم بـ 88 ألف ناخب و889 شخصا، وبالرجوع إلى نسبة أصحاب حق الاقتراع إلى نسبة تعداد السكان، نلاحظ أن تعداد السكان في غزة والضفة الغربية يقدر بحوالي 5،2 ملايين مواطن، وذلك يعني أن 50% من سكان غزة والضفة الغربية هم أصحاب حق الاقتراع.
لو طُبقت الحسبة السابقة نفسها على سكان محافظة القدس، ستكون النتيجة أن تعداد سكان محافظة القدس بالقياس إلى أصحاب حق الاقتراع هو 180 ألف مواطن فلسطيني تقريباً، وهذا الرقم أقل بكثير من الإحصاءات الرسمية الفلسطينية لتعداد السكان العرب في القدس، التي نشرها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، الذي قال: إن عدد السكان الفلسطينيين في القدس بلغ نحو 435 ألفاً نهاية 2017، غالبيتهم من فئة الشباب دون سن الـ29 عاما.
فأيها نصدق؟ أرقام الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، التي تفترض أن عدد أصحاب حق الاقتراع أكثر من 200 ألف شخص، وفق تعداد السكان، أو نصدق أرقام لجنة الانتخابات المركزية التي قالت إنهم 88 ألفا ونيف؟
الدراسات الإسرائيلية المتخصصة تقول: يوجد 350 ألف فلسطيني، يعيشون بالقدس الشرقية المحتلة، وقد ذكر ذلك معهد القدس لبحث السياسات في تصريح مكتوب، إذ يشكل الفلسطينيون 38% من سكان القدس، بشطريها الشرقي والغربي، ويتضح من الدراسة أن عدد سكان القدس، بشطريها الشرقي والغربي يصل إلى 919 ألف نسمة.
فأين يقع الخلل؟ هل في المبالغة الفلسطينية في تعداد سكان محافظة القدس، أو أن سكان القدس قد غادروها دون أن تدري بذلك قيادة منظمة التحرير ورئاسة السلطة الفلسطينية، أو أن سكان القدس عزفوا عن التسجيل للانتخابات التشريعية؟
مهما كان السبب فإن انخفاض عدد أصحاب حق الاقتراع في القدس إلى رقم 88 ألفاً قضية وطنية بالغة الأهمية، فمعرفة الرقم الحقيقي لسكان القدس تخص مستقبل القدس والمقدسات، ودراسة أسباب انخفاض عدد أصحاب حق الاقتراع قد تفضي إلى حقائق غائبة عن الوعي السياسي الفلسطيني، ومعرفة النتائج السلبية لتدني تعداد السكان العرب في القدس ستفرض سبل مواجهة جديدة في أقدس بقعة من أرض فلسطين، إذ يزاحم فيها اليهودي العربي في كل حارة وشارع ومحل تجاري، وعلى كل نافذة، وتزاحم فيها الأكذوبة المعبأة في الأباريق حقائق التاريخ الموثقة على كل بوابة.
على القيادة الفلسطينية أن تأخذ الأرقام على محمل الجد، وأن تضع الأمر على سلم الأولويات للمتابعة والمعالجة، وعلى الشعب الفلسطيني والعربي والمسلم أن يتنبه إلى مستقبل القدس، فما دامت حال القدس على هذا المنوال فبعد عشر سنوات سيتناقص عدد أصحاب حق الاقتراع إلى ما دون 50 ألفاً، ما دام الصمت والانتظار سيدي القرار.