فلسطين أون لاين

في القدس يا أمي موعدنا

...
صورة تعبيرية عن تربية الام للأطفال.jpg
ريما عبد القادر

ما زلت أذكر الأم الفلسطينية إيمان من مدينة القدس، وهي تنادي طفلها "محمد الفاتح"، الأمر الذي جلب مسمعي واستوقفني للحديث معها حول اسم طفلها وما هو خلف هذا الاسم، لأجد أن الأمر ليس مجرد اسم يكتب على البطاقة الشخصية؛ بل هي عقيدة ووطن رسختها في طفلها.

فكلما تناديه بالفاتح فهي بذلك تريد أن تذكره بأن هنالك مهمة كبيرة تنتظره نحو التحرير، ورغم طفولته إلى أن والدته تعلمه بدوره مبكرًا، الأمر الذي جعلها كلما سألته أين سنلتقي يا "محمد الفاتح"، يبتسم ويجري نحو أحضانها في القدس يا أمي موعدنا.

وحينما نتأمل هذا المشهد نستشعر أهمية دور الأم في تربية الأجيال حيث صدق الشاعر حافظ إبراهيم حينما أنشد:

الأُمُّ مَــدرَسَةٌ إِذا أَعدَدتَها *** أَعدَدتَ شَعبًا طَيِّبَ الأَعراقِ

الأُمُّ رَوضٌ إِن تَعَهَّـدَهُ الحَيا  *** بِالرِيِّ أَورَقَ أَيَّمـا إيــراقِ

واستوقفني دور الأم ووعيها في موقف والدة الصحابي زيد بن ثابت رضي الله عنه حيث رغبت نفسه في الجهاد وحينما أراد أن يشارك في معركة بدر رده الرسول صلى الله عليه وسلم لصغر سنه وحجمه فعاد إلى والدته وهو يبكي فعملت على تطييب خاطره، وبالوقت ذاته فكرت بمزية في ابنها يخدم بها الإسلام.

فلفتت نظر نجلها إلى قدرته على القراءة والكتابة حيث لم يكُن في ذلك الوقت عدد كبير يعلم بالقراءة والكتابة فأرشدته إلى ذلك وبالفعل كانت محقة فعندما ذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخبره بذلك حيث كان يمتاز بالذكاء وشغف العلم، وبعدما اختبره طلب منه أن يتعلم لغة اليهود، وبالفعل تعلمها في أيام قليلة وليس هذا فحسب؛ بل أتقنها.

وقد جعله الرسول صلى الله عليه وسلم من كتبة الوحي، وبعد وفاته أوكل إليه الخليفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه جمع القرآن الكريم.

وحينما نتأمل بسيرة الأئمة مالك، والشافعي، وابن حنبل رضي الله عنهم نجد أن من عملت على تربيتهم وحثتهم على العلم أمهاتهم فكانت ثمرة هذه التربية الصالحة، أئمة ما زلنا إلى يومنا هذا نرتوي من فقههم.

فما عادت الأم كما يصور للبعض أن مهمتها تنتهي بالإنجاب؛ بل إن مهمتها تبدأ بذلك فالأمة العربية والإسلامية بحاجة لأمثال أمهات التاريخ الإسلامي العظيم فكانت الأم حينما ترضع طفلها فإنها كانت تضع النية بأنها تعد رجلًا لخدمة الإسلام العظيم، وليس من أجل أن ينام كما تفعل الكثير من أمهات اليوم.. أيتها الغالية كوني أنت من تعيد مجد الأمة من جديد.