بعد صمت إسرائيلي دام عدة أسابيع بدأت المواقف الإسرائيلية تصدر متتالية بشأن رؤيتها تجاه الانتخابات الفلسطينية المقبلة، رغم أنها أجمعت على أن هذه الانتخابات التشريعية ستعزز قوة حماس في الضفة الغربية، ما سيضر بشدة بالمصالح الإسرائيلية الأمنية، وفي حين قدمت حماس قائمة موحدة لخوض الانتخابات، الانقسام في حركة فتح يتواصل، ويشكل تحديًا لقيادة محمود عباس للحركة.
تعتقد المحافل الإسرائيلية أن حماس التي تستعد لخوض الانتخابات الفلسطينية العامة أنهت لتوها انتخاباتها الداخلية بشكل شبه كامل، وتجري استعداداتها للانتخابات العامة بكامل قوتها، وحينها تقف جبهة موحدة، لأنها تريد إعادة تحقيق انتصارها الكبير في انتخابات 2006، وبفضل فوزها اكتسبت مزيدًا من الشرعية في الشارع الفلسطيني.
القناعة الإسرائيلية السائدة تتحدث بأن حماس تندفع بقوة للمشاركة في الانتخابات البرلمانية، ولاحقًا في المجلس الوطني الفلسطيني، تمهيدًا لدخول منظمة التحرير الفلسطينية، وهذه إستراتيجية حماس لترسيخ وجودها التدريجي في الساحة السياسية الفلسطينية عبر عمليات ديمقراطية لاكتساب شرعية في الشارع الفلسطيني، يمكن الاستفادة منها حتى تتحقق أهدافها على طول الطريق.
(إسرائيل) قلقة جدًّا مما يحدث على الأرض، ويقول مسؤولون أمنيون كبار إن تعزيز حماس المتوقع للضفة الغربية سيضر بشدة بمصالحهم الأمنية، وقد أرسل المستوى السياسي رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) نداف أرغمان للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في رام الله الذي طالبه بإلغاء أو تأجيل الانتخابات في ضوء تعزيز حماس المتوقع في الضفة الغربية، لكن عباس رفض طلبه.
ومع ذلك قد يكون أحد آثار لقاء أرغمان مع عباس قرار الأخير عدم الترشح لقائمة موحدة مع حماس في الانتخابات النيابية، بالتزامن مع استمرار عمل أجهزة الأمن الإسرائيلية على الأرض لمنع حماس في الضفة الغربية من خوض الانتخابات، وتعقب مصادر تمويل نشطائها، وإرباك خطط قيادتها.
لقد بعث الإسرائيليون برسالة أخرى إلى عباس عن استيائهم من الانتخابات، تمثلت في رفض السماح لممثله حسين الشيخ بدخول سجن هداريم مرة أخرى للقاء مروان البرغوثي، رغم السماح له الشهر الماضي بزيارته، وقدم له اقتراحًا بعدم خوضه الانتخابات بقائمة مستقلة، كي لا يضعف قوة فتح أمام حماس.
وفي الوقت الذي لم يرد البرغوثي على اقتراح عباس، الذي يبدو مصممًا على تحييد نفوذه السياسي، كما حدث مع ناصر القدوة ومحمد دحلان، تتحدث المعطيات الأمنية الإسرائيلية أن الانقسام في حركة فتح مقلق جدًّا، لأنه يضعف فتح بشكل كبير، ويقوي حماس في معركة الانتخابات التشريعية، ورغم كل ذلك تشكك الأوساط الأمنية الإسرائيلية بأن يقدم عباس على الانسحاب من إجراء الانتخابات، خوفًا من تسجيل ذلك هزيمة سياسية أخرى لحركة فتح تحت قيادته.