إن لم يضبط القانونُ إيقاع المجتمع ويُعطي كل ذي حقٍ حقه، ويأخذُ بيد المظلوم إلى بر الأمان، ويأخذ الظالم إلى المكان الذي يستحقه، وإن لم يكن شعار القانون كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه" الضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله" ، فالمؤكد أن الحياة ستصبح بلا حياء، والمجتمع سيصبح مثل غابة الحيوانات يأكل اسوده حمائَمه، بلا خوف أو وجل من أحد.
ثمة حيرة كبيرة تسكن في قلب وعقل المواطن العربي من المحيط إلى الخليج بسبب الازدواجية بين ما هو مكتوب في كتب القانون وبين ما موجود في أرض الواقع، فالمكتوب أكثر رائع، والمفعول ينقصه الكثير من الروعة.
وربما أكثر الفئات التي تضررت من القانون هي المرأة، وهذا الدليل وهذه التفاصيل:
من يتابع القضايا في المحاكم يلحظ وجود زوجات معلقات ساقهن القدر الى حيث نصيبهن المتعثر بزوج لا يفهم من حقوق الانسان إلا حقه، فيعامل زوجته كما لو أنها جارية، وحينما يدخل متغير جديد في حياته سواء رغبته بالزواج من أخرى أو أي سبب ليس لها علاقة به ، ينظر لها على أنها أصبحت منتهية الفعالية، فيهجرها أو يطردها أو يهددها بالطلاق أو يطلقها، ولما تطلب شيئاً من حقوقها يُصاب بالهذيان ويمارس عليها رجولته المزيفة، فتذهب المسكينة لأهلها وللمحاكم تطلب حقها الشرعي، وبعد سنوات وجولات مكوكية من رجال الإصلاح يبدأ بمساومتها بضرورة تنازلها عن حقوقها مقابل اطلاق سراحها وتسريحها، وهنا تكمن الكارثة، التي تتمثل في صمت القانون على ذلك، من خلال امهال الزوج لوقتٍ طويلٍ حر طليق دون مسائلة أو متابعة، والمتضرر الوحيد هو المرأة التي تخسر من عمرها ومالها ونفسيتها وصحتها الشيء الكثير، والطامة الكبرى أنه بعد مرور سنوات على التعليق يتطوع رجال الإصلاح بالذهاب للزوجة مرة أخرى لإقناعها بأن تسامح وتنسى حقوقها من أجل فكاكها، وهم بذلك كالذي "اجا يكحلها،،، عماها".
إن القانون الذي يترك الزوج يفعل ما يشاء بزوجته هو يشرعن استمرار ذلك الفعل الرديء، ولو أجبر الزوج على إعطاء المرأة كامل حقوقها وفق الشرع قبل طلاقها ودون مساومة، لربما تخف حدة التهور الذكوري تجاه ظلم المرأة على اعتبار أن العامل المالي قد يكون سبب في إيقاف الكثير من المشاكل مثلما يكون سببا في افتعال المشاكل.
فيا رجال القانون: علينا أن ندرك أن غياب القانون هو تربة خصبة لإنتاج الكثير من المشاكل التي تؤثر على بنية المجتمع وتهدد استقراره، فاجتهدوا في حل مشاكل نصف المجتمع كي ينعم المجتمع كله بالأمان، وهنا لا أعفي أحد من المسئولية القانون والزوجة والزوج وأهلهما، وعلينا جميعا أن نقف صفا واحدا ضد الشيطان امتثالاً للآية الكريمة " وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ " (المائدة: 2).