ريثما ينتهي الفرقاء الإسرائيليون من خلافاتهم الداخلية، تبقى أمامهم جملة من التهديدات الرئيسية، ستكون مطروحة على طاولة الحكومة القادمة، إن قدر لها أن ترى النور قريبًا.
تتمثل أهم هذه التهديدات بالصواريخ الدقيقة التي يمكنها إصابة أهدافها داخل (إسرائيل) بدقة كبيرة تصل إلى بضعة أمتار، وبالتالي تشكل أيضًا تهديدًا استراتيجيًّا على مراكز خطرة، وقد شاركت إيران بشكل مكثف في هذا المجال في السنوات الأخيرة، ووزعت القدرات على حلفائها، تحديدًا حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن.
المثير للقلق الإسرائيلي أن الحديث يدور عن اتجاه تكنولوجي، يمكن لجميع أعدائها حولها وصوله، فـ(إسرائيل) دولة صغيرة، وتتعرض لتهديد استراتيجي خطر، أحدها النووي الإيراني، وصواريخ حزب الله، وما تم بناؤه في سوريا، وربما في المستقبل في الساحة الفلسطينية، فضلًا عن العراق واليمن، وبالطبع في إيران نفسها.
لم يعد الحديث عن حرب تشهدها الساحة الشمالية فحسب، بل مواجهة عسكرية في الساحتين الشمالية والشرقية، لذلك فإن التفكير في توجيه ضربة وقائية في لبنان ضد الصواريخ الدقيقة لحزب الله أمر معقد، فقد يتحول لحرب إقليمية، ومع ذلك فإن تحديد الخطوط الحمراء أمام أعداء (إسرائيل) يعد مشكلة كبيرة، لأن هذه الخطوط ذاتها تآكلت بطبيعتها.
على صعيد الانتخابات الفلسطينية المقبلة، فإن هذا حدث تتابعه (إسرائيل) من كثب، صحيح أنها تزعم عدم التدخل فيها، لكنها بالتأكيد قلقة بشأن إمكانية تعزيز حماس في الضفة الغربية، وهذه مسألة نقلتها لكل من تحدثت معه، بما فيها السلطة الفلسطينية، بزعم أن هذه الانتخابات طريق خطر للغاية، وتنطوي على مخاطرة، لأن تعزيز حماس في الضفة الغربية ضربة خطرة للمصالح الإسرائيلية وأمنها.
صحيح أن (إسرائيل) لديها قدرات عسكرية قوية جدًّا، وتتمتع بتفوق استراتيجي، لكنها من ناحية أخرى تواجه جملة من التهديدات التي شهدت تكثيفا حولها، على الرغم من مزاعمها بأنها إن أنجزت المزيد من اتفاقيات التطبيع، فستكون لديها إمكانية لشرق أوسط مختلف، لكن التحديات الأمنية هنا، وهي موجودة لتبقى أمام (إسرائيل)، ولن تستطيع حكومتها الجديدة عند تشكيلها تجاهلها.
ينطلق الإسرائيليون في تعاملهم مع إيران من أربع مكونات: أولها نظامها السياسي، فما دام أنه يسيطر على إيران، فإن (إسرائيل) تواجه تحديًا كبيرًا جدًّا، وثانيها مشروعها النووي، وثالثها تواجدها العسكري الذي يقترب من قدرة هائلة، ورابعها سعي إيران لإقامة نفوذ إقليمي يقوم على المدى الطويل، ويبني قدراتها العسكرية.
هذه المنطلقات ربما تحفز (إسرائيل) للعمل على إحباط برنامج إيران النووي عسكريًا، بالهجوم والتدمير بشكل كامل كما حدث في العراق 1981، وسوريا 2007، لكن الأمر قد لا يكون نزهة نهاية الأسبوع، في ظل امتلاك إيران لشبكة حلفاء يحيطون بـ(إسرائيل) إحاطة السوار بالمعصم.