تتواتر التحذيرات الأمنية الإسرائيلية التي تصف الهدوء الأمني في الضفة الغربية بأنه موجود فقط في وسائل الإعلام، لأن الهجمات الفلسطينية تتفجر على مدار الساعة، وحان الوقت لأجهزة الأمن وجيش الاحتلال أن يتوقفوا عن تجاهل هذا الواقع الأمني.
تصل المخاوف الإسرائيلية لما يعيشه الجمهور، مثل قيادته، في غيبوبة عميقة بسبب شعور وهمي بالهدوء، على الرغم من أن المعطيات الميدانية تشير إلى أن الضفة الغربية تغلي، والأرض تهتز، لكن جرس الإنذار ليس له صدى في الجدل العام والإعلامي بين الإسرائيليين، لأنهم يتجاهلون هذا الواقع.
البيانات الرسمية الصادرة عن جيش الاحتلال تكشف حقيقة هجمات إلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف في الضفة الغربية، حيث وقعت 1500 حادثة رشق حجارة في 2020، وألقيت 229 زجاجة حارقة على المستوطنين، ولم يذكر جيش الاحتلال هجمات مماثلة ضد جنوده.
إذا لم يتم تجاهل العمليات ضد جيش الاحتلال، فإن عددها في 2020 بلغ 3951 رشق بالحجارة، إضافة إلى 698 زجاجة حارقة، بمعدل 11 رمية حجرية وزجاجتي مولوتوف كل يوم، وبحسب جهاز الأمن العام، فقد شهد 2020 تنفيذ 56 عملية مسلحة قُتل فيها ثلاثة إسرائيليين وجُرح 46 آخرون، ومجموع الهجمات التي تم إحباطها تصل 40 هجومًا شهريًا، أي أكثر من هجوم واحد في اليوم.
التقديرات الإسرائيلية تجزم أن الصمت الذي يمر به الجمهور وهمي، وقد يتحول صمتا مؤقتا، في حالة إلقاء حجر على رأس جندي أو مستوطن، فأي زجاجة حارقة قد تحرق مركبة أو منزلًا على مستوطنيه، وأي محاولة اختطاف لجندي قد تتدهور لمواجهة عسكرية شاملة، كما حصل مع اختطاف المستوطنين الثلاثة في الخليل، وتصاعد الحدث إلى حرب الجرف الصامد في غزة 2014.
تطالب الأوساط الأمنية الإسرائيلية بأن تدرك دوائر صنع القرار في المستويين السياسي والأمني أن أي هجوم فلسطيني من هذا القبيل ينطوي على خطر كبير على حياة الجنود والمستوطنين، ما قد يسفر عنه إمكانية تفجيرية واسعة النطاق، وإن قدرتهم على عيش حياة روتينية في واقع مشبع بمحاولات هجمات مسلحة تُعزى لأنشطة جهاز الأمن العام-الشاباك، وتعاون قوات أمن السلطة الفلسطينية.
تحذر الأوساط الأمنية الإسرائيلية من الاكتفاء بسياسة "جز العشب"، بزعم أنها لا تكفي لمواجهة الهجمات التدريجية بالضفة الغربية، لأنهم يحتاجون لطريقة تفكير مختلفة تتعلق بالاستقرار الأمني على الأرض، والفصل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتقليل الاحتكاك بينهم.
الخلاصة التي يتهرب منها الإسرائيليون أن هذا لن يحدث ما داموا يعيشون في وهم الاستقرار والهدوء، ولا يدركون المعطيات المذهلة لمدى الهجمات الفلسطينية في الضفة الغربية، والنتيجة أنه لن يكون أمامهم سوى الاستيقاظ على واقع أمني متدهور في جميع أنحاء الضفة الغربية.