هاني مرتجى غزِّي تراوحت عاداته بين الميل إلى الراحة والاعتماد على التنقل بالسيارة، والغرق في دهون ودسم الوجبات السريعة الجاهزة، الوزن بلغ أعلى مستوى له عند شخص لا يزال في مرحلة الشباب، وضغط على ركبتيه اللتين ما عادتا تقويان على حمله لمسافة أمتار قليلة.
كرشه كتم على أنفاسه التي صارت تخرج منه بصعوبة، وشكَّل عائقًا لم يستطِع تجاوزه ليربط رباط حذائه، مؤشر الميزان بدأ يئن تحت وطأة قدميه معلنًا فزعه من 203 كجم سجلها له.
توجيه الوالدين لم يتوقف والإلحاح عليه بضرورة خفض وزنه، جاء نتيجة استشعارهما بالخطر على حياة ابنهما حينما لم يعد يقوى على الحركة، وعانى سمنة مفرطة جعلت النوم لديه حلمًا يتمنى الوصول إليه.
مرتجى (40 عامًا) من مدينة غزة، ولد وعاش في دولة الامارات، عاد قبل عامين إلى قطاع غزة، خاض معركة قوية مع ذاته حتى اتخذ قرار انقاص وزنه، وخلال ١٠ أشهر استطاع بجهود ذاتية أن يفقد 96 كجم وهو رقم قياسي سُجِّل في وقت وجيز.
السمنة إن لم تكن مشكلة وراثية فإن لها أسبابًا شخصية تفاقِمها، وهذا ما حدث مع هاني "الحياة في الخارج سريعة تدور رحاها ما بين الدراسة والشغل، لا وقت لممارسة الرياضة وحتى الأكل تضطر في كثير من الأحيان إلى تناوله في أثناء القيادة".
ويتابع هاني لصحيفة "فلسطين": " معاناتي من السمنة بدأت تظهر في السنوات العشر الأخيرة كان لدي شراهة في تناول مشروبات الطاقة والشكولاتة، سببت لي مشاكل في التنفس والنوم، والمشي أو طلوع الدرج".
دق ناقوس الخطر لديه، فاستجمع قواه وقبل ثبوت شهر رمضان الماضي بثلاثة أيام، قرر البدء في الحمية الغذائية التي وضع أسسها هو دون الرجوع إلى أي طبيب تغذية مختص، لأنه يؤمن أن الإنسان القادر على تحديد الدواء لدائه من خلال تفادي السلبيات التي يرتكبها بحق صحته.
ويردف هاني: "قابلت أناسًا كُثُرًا من حولي صوروا لي أن تخفيض وزني هو من رابع المستحيلات، لكني صممت آذاني عنهم، وفتحتها لوالدي وصديق مقرب لي لم يعانِ السمنة ولكنه لم يتوقف ولو ليوم واحد عن تشجيعي وتحفيزي نحو المضي قُدمًا لتحقيق هدفي".
قرر أن يتخلى عن أسلوب أكله غير الصحي تمامًا، وطيلة شهر رمضان كان غذاؤه التمر واللبن والسلطة والشوربات، وفي بعض الأحيان يتناول صدر الدجاج والتونة، وتمكن من خفض 17 كيلوغرامًا خلال 30 يومًا.
ويلفت هاني إلى أن السعرات الحرارية المقدرة له تزيد عن 2000 سعر حراري يوميًّا، ولكنه لم يكن يتناول أكثر من 600 سعر حراري، ويمارس الرياضة يوميًّا.
في الأيام الأول للحمية، يبيّن هاني أنه عانى الصداع، والهزال بسبب الأعراض الانسحابية لتناول السكر، والجوع الشديد، ولكن مع مرور الأيام اختفت هذه الأعراض، وبات يشعر بالشبع سريعًا.
يبدأ هاني يومه بتناول ثلاث حبات تمر وكوب لبن، ومن ثم ممارسة رياضة المشي، وخلال اليوم يتناول وجبات خفيفة من الفواكه عند شعوره بالجوع، ووجبة العشاء يتناول طبق سلطة مع بيض مقلي أو تونة.
كان إنجازًا لم يتخيل هاني أن يصل إليه، استمر في نظامه، وكان يخسر نحو ثلاثة كيلوجرامات في الأسبوع، ويتعرض كغيره لثبات وزن أو عدم نزول سريع، كان يحبط بعض الشيء، ولكنه سرعان ما كان يستجمع قواه حتى يصل إلى الوزن المثالي الذي يريده.
يؤكد هاني أن الأكل الدسم الذي كان يفضله في السابق لم يعد مغريًا له على الإطلاق، فهو أصبح يمضي ساعات طويلة دون أن يشعر بالجوع، وصحن سلطة يسد شهيته.
قلب أسلوب حياته، تخلى عن التنقل بسيارته بنسبة 70%، المشي ساعتين بعد الظهر هو فرض يومي يقوم به حتى لو في ساعات متأخرة من الليل، يصعد إلى بيته في الطابق السابع متخليًا عن المصعد الكهربائي، لغى السكر من حياته يتناول العصائر الطبيعية بدون إضافة السكر، والاعتماد على الفواكه فقط.
وعن رد فعل والديه تجاه خسارته 96 من وزنه، يعلق ضاحكًا: "هذا الرقم يشكل وزن إنسان ونص، لك أن تتخيلي أنني كنت أحمل كل هذا الوزن، والدَيّ انبهرا بما فعلت وبعد أن كانا يُلحَّان عليَّ بانقاص وزني، أصبحا يترجياني بتناول بعض الأكلات معهما".
يسعى هاني إلى تحقيق هدف الوصول إلى 100 كجم، والتزام الرياضة في النادي ورفع الأثقال خلال المرحلة القادمة، وجعلها عادة يومية في حياته.
ويختم حديثه برسالة لكل شخص يعاني السمنة المفرطة، ولديه رغبة مُلِحّة في إنقاص وزنه، أن التخلص من وزنك الزائد ليس بالأمر المستحيل، إنما هي الإرادة فقط التي ستجعلك رشيقًا معافًى بدنيًّا.