تروي أوراق الاقتراع في الانتخابات الإسرائيلية الثلاث السابقة قصة الانتخابات الرابعة الحالية، فقد أدى الانقسام الكبير للكنيست في انتخابات 2021، إلى خلق حالة يفشل فيها الجمهور الإسرائيلي في اختيار زعيم واضح، وبعد أن وعد الجميع بعدم الذهاب إلى الانتخابات الخامسة لتفادي ذلك، فمن الواضح أن أحدا ما قد يضطر إلى أن يحنث بوعده.
لقد أتت الانقسامات الإسرائيلية ثمارها من خلال الذهاب إلى جولة انتخابية رابعة، فقد شهدت انشقاق حزب العمل عن ميرتس، وانفصال الحزب اليميني عن الصهيونية الدينية، لكن كليهما زاد من قوته كثيرًا، في حين انشقت القائمة العربية الموحدة عن القائمة المشتركة، وحتى كتابة هذا المقال، فلا يزال الإسرائيليون يقرؤون ويحللون النتائج الحقيقية لهذه الانتخابات، بعد أن خرجت بصورتها النهائية.
لعل أفضل طريقة لرواية قصة الانقسامات تتمثل بمتابعة أوراق الاقتراع، التي تقول كل شيء، ولعل إلقاء نظرة عليها في الحملات الانتخابية الثلاث الأخيرة، يعطي الإسرائيليين إفادة أنه في انتخابات الكنيست الثانية والعشرين كان الاتجاه هو القيادات الحزبية المشتركة في بطاقات الاقتراع، مع تنافس عدد قليل من الأحزاب، فظهرت مثلا قائمة أزرق-أبيض برئاسة بيني غانتس التي ضمت أربعة قوائم انتخابية.
ملاحظة أخرى تمثلت بظاهرة حزب العمل بقيادة عمير بيرتس، وأورلي ليفي أبكسيس، وهما حزبان متحدان، بجانب المعسكر الديمقراطي المؤلف من ثلاثة أحزاب، وثلاثة زعماء على ورقة الاقتراع، إضافة إلى معسكر اليمين المكون من ثلاثة أحزاب هو الآخر، فضلا عن القائمة المشتركة التي تحولت تحولًا مدهشًا إلى شائعة من الماضي، وفي النهاية كان هناك خمسة أحزاب وثمانية قادة مشتركين في بطاقات الاقتراع.
في انتخابات الكنيست الثالثة والعشرين، ماتت القيادة المشتركة، وسادت الخلافات الداخلية، وظهرت بطاقات الاقتراع الزرقاء والبيضاء بقيادة غانتس، بجانب حزب العمل و"غيشر"، وميرتس، ومرة أخرى القائمة المشتركة، والمجموع النهائي أربعة أحزاب مختلفة دون قيادة مشتركة.
لقد شهدت انتخابات الكنيست الرابعة والعشرون الحالية الانقسام الكبير، واستيقظ الإسرائيليون أمام أحزاب: يوجد مستقبل بقيادة يائير لابيد، أزرق- أبيض بقيادة بيني غانتس، العمل بقيادة ميراف ميخائيلي، ميرتس بزعامة نيتسان هوروفيتس، يمينا برئاسة نفتالي بينيت، الصهيونية الدينية بقيادة بيتسلئيل سموتريتش، بجانب القائمة المشتركة، والقائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس.
يمكن القول بكثير من الثقة إن هذه الجولة الانتخابية الرابعة شهدت تنافس ثمانية أحزاب دون قيادة مشتركة على ورقة الاقتراع، وأصبح الكنيست الإسرائيلي يعكس حالة الانقسام التي يعيشها الإسرائيليون، ومن أجل عدم الذهاب إلى انتخابات خامسة، التي ستزيد من هذا الانقسام، يجب على زعيم إسرائيلي ما أن يحنث بوعوده، رغم أنه بعد كل شيء، وعد جميعهم بتجنب الانتخابات الخامسة.