تتبع دولة الاحتلال الإسرائيلي سياسة تمييز واضحة في تقديم التطعيمات المضادة لفيروس "كورونا" في مناطق متفرقة من مدينة القدس المحتلة، إذ تمنح هذه التطعيمات لمن يحملون هوية "زرقاء" إسرائيلية من سكان المدينة، في حين سكان القرى والبلدات التابعة للقدس ممن لا يحملون الهوية نفسها، لا تقدم إليهم التطعيمات، وفق ما أفاد به باحثون ومسؤولون.
وطبقًا لما أكده هؤلاء لصحيفة "فلسطين" فإن السياسة الإسرائيلية هذه أدت إلى انتشار فيروس "كورونا"، وارتفاع ملحوظ في أعداد المصابين في قرى وبلدات القدس المحتلة.
وبينما يؤكد وكيل وزارة شؤون القدس سعيد يقين، أن سلطات الاحتلال انتهت من تطعيم 370 ألف فلسطيني يسكنون القدس المحتلة ويحملون الهوية الزرقاء، فإنه يشير إلى أن الآلاف من سكان قرى وبلدات شمال غرب القدس لم يحصلوا على اللقاح ممن لا يحملون الهوية الزرقاء.
وأكد يقين لـ"فلسطين" أن الأسابيع الأخيرة شهدت ارتفاعا ملحوظا في نسبة الإصابات في قرى شمال غرب رام الله، وهي تتشكل من 17 قرية، من بينها: بيرنبالا، وقطنا، وبيت عنان، وبيت سوريك، وبيت دقو، والجيب، والقبيبة.
وبيَّن أن حدة الإصابات ارتفعت في 3 تجمعات سكانية من هذه القرى، لكن بعد الإغلاق الكامل تراجعت نسبة الإصابات، وأصبح لدى المواطنين نسبة عالية من الوعي، بعد وفاة عدد من المواطنين في مناطق متفرقة من القدس والضفة الغربية مؤخرًا تزامنًا مع وصول الطفرة البريطانية إليها.
وقال يقين: مطلوب من المواطنين المزيد من الوعي والالتزام بالإجراءات الوقائية، وكذلك من السلطة توفير اللقاحات، مشيرًا إلى أن مراكز طبية داخل القرى والبلدات في شمال غرب القدس تقدم الرعاية الصحية اللازمة لمرضى المنطقة، إضافة إلى مستشفى رام الله للحالات الصعبة.
تمييز واضح
من جهته قال الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب: إن "نسبة التطعيم وصلت إلى مراحل متقدمة داخل مدينة القدس فقط للذين يحملون هوية زرقاء، أما سكان القرى والبلدات في محيط القدس ما زال الوضع لديهم ينذر بخطورة تصاعد تفشي الوباء".
وأضاف أبو دياب لـ"فلسطين" أن تعمد سلطات الاحتلال الإهمال وعدم تقديم خدمات محاربة الوباء من خلال التطعيم على الأقل، كان لهما مردود سيئ وانتشار فيروس "كورونا" بالأحياء المقدسية، التي لا يحمل سكانها الهوية الزرقاء.
وأكمل أن "التمييز واضح، وسلطات الاحتلال تقدم التطعيمات لسكان القدس وخاصة فئة المستوطنين وللفلسطينيين الذين يعملون داخل الأراضي المحتلة سنة 48، وذلك ليس حبًا وخوفًا على أهل القدس، بقدر ما كان الهدف منه منع انتقال العدوى إلى المستوطنين اليهود".
ونبَّه إلى أن الفلسطينيين سكان قرى شمال غرب القدس، ليس لديهم تأمين صحي لتلقي العلاج اللازم في مستشفيات داخل القدس المحتلة، ولذلك يعانون من عدم وجود خدمات صحية كافية لمواجهة "كورونا" في وقت لم تتمكن السلطة في رام الله من توفير لقاحات لهذه القرى.
من جانبه قال رئيس بلدية بدو سالم أبو عيد، إن الوضع الوبائي في قرى شمال غربي القدس كارثي ويزداد خطورة ويتفاقم يومًا بعد يوم، بسبب تزايد أعداد الإصابات والوفيات اليومية بـ"كورونا"، واستهتار المواطنين في الالتزام بإجراءات السلامة والوقاية.
وأضاف أبو عيد في تصريح صحفي، أن "تلك القرى باتت مناطق موبوءة وحمراء، والوضع لم يعد تحت السيطرة، في ظل نقص أجهزة الأكسجين اللازمة لعلاج مرضى "كورونا"، وعدم توافر شرائح الفحص".
ويوضح أن المرضى يتوجهون إلى المستشفى ولا يجدون أجهزة أكسجين، فيضطرون إلى العودة لمنازلهم، ما يزيد حالات الوفاة.