فلسطين أون لاين

جدل اللقاحات والفيروس المنزلي

في معركتنا مع وباء كورونا وجدنا أن توفير اللقاحات مسألة صعبة لفلسطين، وقبل أن تصل أي كمية من الجرعات تنعقد عدة مؤتمرات للحديث عنها وكأننا نراقب خط سيرها من دولة المنشأ حتى تصل إلى مراكز التطعيم الفلسطينية، ولكن فجأة ومن دون مقدمات أعلن الدكتور كمال الشخرة الناطق باسم وزارة الصحة أن الطواقم الفلسطينية شاركت في تطعيم أكثر من مئة ألف عامل فلسطيني يعملون داخل الخط الأخضر، وأكد الشخرة أن الطعومات قدمها الجانب الفلسطيني.

منذ أسبوعين ووزارة الصحة تتحدث عن توفير 60 ألف لقاح لكوفيد 19، وقد وصلت اللقاحات بالفعل وبدأت عملية تطعيم فئات معينة مثل الكوادر الطبية وكبار السن، وقد احتفلت الوزارة بانطلاق أول مرحلة من الحملة الوطنية للتطعيم، وهذا يعني أنه لا علاقة لنا بتقديم الجرعة الأولى لـ105 آلاف عامل فلسطيني سبقت حملتنا، وقد أعلن الجانب الإسرائيلي أنه أنهى المرحلة الأولى من تطعيم العمال داخل الخط الأخضر والمستوطنات وفئات أخرى من الفلسطينيين الذين ينتقلون من الضفة إلى المناطق المحتلة عام 48. هنا نحن نتساءل ما الذي أراده الدكتور كمال الشخرة عند ادعائه أن السلطة هي التي قدمت أكثر من 100 ألف جرعة للعمال؟ هذه الحادثة أثارت السخرية لدى الشارع الفلسطيني، ولكن قد يكون السبب في الادعاء الباطل هو أنباء غير مؤكدة تتحدث عن نية "إسرائيل" خصم ثمن الطعومات من المقاصة الفلسطينية، ولذلك أراد الشخرة أن يستغل الابتزاز الإسرائيلي ليحوله إلى إنجاز للسلطة الفلسطينية وخاصة أننا على أبواب انتخابات تشريعية "وإن لم تكُن مؤكدة"، ولكن اجتهاد الدكتور كمال الشخرة لم يكُن موفقًا، ولا بد من التعامل بشفافية مطلقة فيما يتعلق بوباء كورونا.

ومسألة أخرى مثيرة للاستغراب ولكنها لم تحدث ضجة كالأولى وهي إعلان الحكومة تخفيف الإجراءات المشددة، ومن ذلك إعادة الحياة جزئيًّا إلى السوق الفلسطيني مع أنه سبق ذلك بيوم واحد تحذير من جهات الاختصاص بأن المنحنى الوبائي ما زال في حالة تصاعد ونسبة الإشغال في المشافي فاقت 100% وأن القطاع الصحي على وشك الانهيار، ولكن هنا يتدخل الناطق باسم وزارة الداخلية ليؤكد أنه من خلال الدراسات التي أجريت تبين أن تفشي الفيروس أصبح منزليًّا وليس الأسواق هي التي تأتي بالفيروس بشكل أساسي، وأنا أقول إن الداخلية ستضطر إلى التراجع عن تبريرها وتخفيفها للقيود ولكن بعد فوات الأوان، لأن تصاعد المنحنى الوبائي لا يتطلب تخفيف القيود بل مضاعفتها، والقول بأن الفيروس أصبح منزليًّا يعني أنه بات من الضروري إعلان حظر شامل للتجوال وإنزال أشد العقوبات بالمخالفين إلى حين هبوط المنحنى الوبائي واستعادة السيطرة وليس العكس.