كثر الحديث قبل أيام عن تشكيل قائمة مشتركة بين حركتي فتح وحماس، ولعل التوافق الأخير في القاهرة على كثير من نقاط الخلاف يشجع على حسن الظن بتشكيل قائمة مشتركة، إضافة إلى تصريحات أكثر من مسؤول من التنظيمين الكبيرين عن الاستعداد لتشكيل قائمة مشتركة، ويبدو أن هذه هي رغبة مصر التي لا تريد خلافات وانقسامات بعد الانتخابات، وتريد نتائج يرضى عنها الشعب، وتقود إلى الوحدة الوطنية، والتقدم خطوة في اتجاه إنهاء الانقسام.
ولكن حساب الحقل قد لا يتطابق مع حسابات البيدر في كثير من الأحيان، فلكل تنظيم تطلعاته وأهدافه من القائمة المشتركة، فتح تريد أن تكون القائد، وحماس تريد أن تكون الحاضر، والشعب يريد أن يخرج من الحصار والعقاب، وبقية التنظيمات والمجموعات لها اشتراطاتها، ومواقفها المبدئية من دعم القائمة الوطنية المشتركة.
توافق بعض الرؤوس في التنظيمين الكبيرين على الخطوط العريضة لم يضع حدًّا للتشنج والاعتراض من عناصر كلا التنظيمين، وهذا الاعتراض يعكس مرارة التجربة السياسية، ويحمل غبار معركة الانقسام، وله آثاره السلبية التي شوهت نفسيات بعض الشباب، وقد أظهرت بعض استطلاعات الرأي أن 92% من شباب حركة فتح يرفضون قائمة مشتركة مع حماس، وهنالك 70% من حركة حماس يرفضون الفكرة نفسها.
الذي أجرى استطلاع الرأي داخل حركة فتح ليس غبيًّا، إنه ذكي إلى الحد الذي يريد أن يوصل إلى حركة حماس رسالة من حركة فتح، بأن الحركة ستقدم تضحيات كبيرة داخلية من أجل الوحدة، وهي الرسالة نفسها التي حاول البعض أن يرسلها إلى الشعب الفلسطيني عن رفض عباس تهديدات رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلية بعدم تشكيل قائمة مشتركة مع حماس.
أزعم أن كل هذه الأخبار تهدف إلى اقناع حركة حماس بتقديم تنازل في عدد ممثليها داخل القائمة المشتركة، وكأن هذا التنازل هو السبيل الوحيد لإقناع شباب حركة فتح بانتخاب القائمة المشتركة، وبهذا يمكن إقناع نداف أرغومان بعدم الاعتراض على القائمة المشتركة، ما دامت الغلبة فيها لحركة فتح، إنها مناورات تفاوضية ستنجلي لحظة إعلان تحالف دحلان وناصر القدوة، وسلام فياض ونبيل عمرو، ومروان البرغوثي، وغيرهم من شخصيات حركة فتح، إعلان هذا التحالف المرعب هو ما يخشاه محمود عباس، وهذا هو الذي سيفرض على حركة فتح أن تنادي على قائمة مشتركة مع حركة حماس.
إن أكثر ما يهم محمود عباس في هذه المرحلة هو الفصل بين دحلان وحماس، فالرجل ينظر بعين الريبة إلى التقارب بين الطرفين، ويخشى من أي تحالف بينهما سيقود إلى عزله، لذلك هو حريص على التقارب مع حماس، التي لا ترفض فكرة القائمة المشتركة، وإن كان تحقيقها مستحيلًا، ولا سيما إذا أصرَّت حركة فتح على التفوق في عدد المقاعد في المجلس التشريعي، في الوقت الذي تصر فيه حماس على التساوي، وهذا هو مجال المناورات واللقاءات والحوارات على مدار الأيام القادمة، الذي سيبدو المستحيل معها ممكنًا!
ويبقى السؤال: ما موقع التنظيمات الحليفة لكل من التنظيمين في القائمة المشتركة؟