أكثر ما يستفزني هو وصف الانتخابات الفلسطينية بـ "العرس الديمقراطي"، وبخاصة أن الانتخابات لا تحدث بوقتها أو أنها نادرا ما تحدث، فقبل الانقسام، وهي مدة تزيد على 10 سنوات من بداية تأسيس السلطة، لم تكن هناك سوى انتخابات واحدة للرئاسة وأخرى للتشريعي ثم اضطرت السلطة إلى إجراء انتخابات ثانية بسبب وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات، ورغم وصف الانتخابات الثانية بـ "العرس الديمقراطي" فإن شعبنا الفلسطيني دخل في تيه الانقسام لـ 15 عاما، ولا نعلم إن كنا فعلا تجاوزنا النهر أم أن الألغام تنتظرنا على الحافة الأخرى منه، ونتمنى أن نتجاوزه فعلا وبأقل الخسائر.
أي عرس ديمقراطي الذي يهتم كل العالم بإنجازاته ومخرجاته؟ أي ديمقراطية نتحدث عنها وكل فصيل له حساباته ومخاوفه سواء من الفصائل الأخرى أو حتى من أفراده؟ هذا غيض من فيض، وما خفي من تحركات وكولسات وحتى مؤامرات أعظم.
لا بد أن تتغير طبيعة الانتخابات الفلسطينية، بحيث تكون "طبيعية" ولا تبدو كأنها حدث كوني، فالانتخاب واختيار ممثلين شرعيين للشعب حق طبيعي، ليس من حق فصيل تحديد موعد الانتخابات حسب رغبته ولا من حقه تأجيلها أو تعطيلها ما دام يوجد دستور وقانون للانتخابات، ولا يجوز لأي فصيل ممارسة سياسة الإقصاء تجاه الفصائل الأخرى أو تجاه مناصريه، كما لا يجوز التأثير في خيارات المواطنين وتهديدهم بالحرمان سواء من الوظائف أو مخصصات الإعانة أو بأي وسيلة أخرى.
لذلك فإما أن تكون انتخابات حقيقية يمارسها الشعب بكامل حريته وطبقا للدستور، وإما ألا تكون، ويُصار إلى تشكيل قيادة موحدة متفق عليها دون انتخابات وديمقراطية شكلية زائفة.
أنا شخصيًّا أتمنى أن نحصل على انتخابات جادة وجيدة، ولكنني لا أرى بوادر جيدة للحصول عليها لأن غالبية الفصائل تسعى للحصول على نتائج محددة، ولأن الانتخابات الفلسطينية تتعلق بشخصيات معينة أكثر من تعلقها باحترام الدستور والقانون واحترام خيار الشعب وقراراته، وقد تتعطل المسيرة كلها بسبب شخص معين والذرائع متوفرة، منها وباء كورونا ومنها الانتخابات في القدس، وقد تُخترَع ذرائع لا تخطر على بال، وأرجو أن أكون مخطئا، وتشاؤمي في غير محله، وإن كنت قلت سابقا إن احتمال إتمام الانتخابات التشريعية هو 50%، إلا أنني أرى الآن أنه احتمال ضعيف ولأسباب أكثر ضعفا.