فلسطين أون لاين

في جولة التطعيم الثانية ضد "كورونا".. مواطنون يكسرون حواجز الخوف

خاص ضهير: دخلنا موجة ثانية بـ"بطء شديدٍ" و11 ألف جرعة تصلنا غدًا

...
تصوير / الزميل رمضان الأغا
غزة/ يحيى اليعقوبي:

"شعرت أن الأفضل هو تلقي التطعيم لكوني أتعامل مع أنابيب فحص عينات فيروس كورونا. صحيح أن اللقاح قد لا يمنع إصابتي لكنه سيجعل الأعراض خفيفة لو أُصبت"، سبق تلك الكلمات زفرة راحة أطلقتها الاختصاصية بمختبر التحاليل المركزي بوزارة الصحة، حنان العلمي، وهي تخرج من صالة تلقّي اللقاح بعيادة الرمال بمدينة غزة، بعد أن حصلت على الجرعة الثانية من لقاح فيروس كورونا (كوفيد-19).

"العلمي" واحدة من 35 شخصا مر على تلقيهم الجرعة الأولى 21 يوما، لتبدأ وزارة الصحة أمس الجولة الثانية في إطار حملتها الوطنية لتطعيم المواطنين ضد الفيروس. في الأثناء كانت صحيفة "فلسطين" ترصد لقطات ومشاهد من عملية التطعيم.

"دول متقدمة أخدت التطعيم وما زالت بتاخد فليش ما ناخده؟" سؤال ممزوج بدعوة توجهها العلمي للمواطنين بالتسجيل للحصول على اللقاح، ولا تخفي لصحيفة "فلسطين" ترددها هي أيضًا قبل انتصارها على مخاوفها: "فكرت بالطريقة نفسها في البداية، وبأني ما دمتُ لم أُصَب، فلماذا أحصل عليه؟! لكن بعدما ظهرت سلالات متطورة وأعراض حادة للمصابين، فكان تلقي اللقاح الخيار الأنسب".

تعبّر عن سعادتها بتلقي اللقاح بملاح تجمعت فيها كل خصال الارتياح: "أحدثت أثرا نفسيا جيدا لديّ، واليوم تكون قد ثبتت المناعة".

زميلتها في المختبر هديل ضاهر قابلتنا بابتسامة أخرى وكأنها تنفض عن نفسها غبار الخوف قائلة: "تلقي الجرعة يعطيني الأمان، لكوني أعمل مختصة تحاليل وأستقبل العينات من الأطباء ونقوم بفرزها".

لكن مشاعر تلقي الجرعة الأولى كانت مختلفة عن الثانية لدى هديل، سبقت اعترافها ضحكة طارت منها: "في المرة الأولى كان هناك رهبة قوية، أما في الثانية فالأمر عادي".

ارتياح

بهدوء جلس الطبيب أيمن ياغي على الكرسي مشمرًا عن ساعده الأيمن، ثم حقنت الحكيمة اللقاح بأعلى ذراعه، لحظات لم تتجاوز ثواني معدودات مرت دون أن يشعر بها، لكن كانت مشاعر الارتياح بادية على ملامحه وصوته، يُحدث "فلسطين" وهو على ذات الهيأة: "أعمل طبيب أسرة بعيادة الرمال، وأتعامل مع فئات عديدة من الناس، وعليه فإن اللقاح أكسبني راحة نفسية".

كحال زميلتيه، راودته بالبداية مخاوف استطاع التغلب عليها، ينبش في تفاصيل تعامله مع الموقف: "كنت رافضا التطعيم، لكن بعد أن تلقى زملائي اللقاح تشجعت وشجعت غيري".

لم يشعر ياغي خلال تلقيه اللقاح بأي أعراض: ارتفاع طفيف بدرجة الحرارة، ووجع بسيط بالعضلات والعظام فقط تلاشى في اليوم الثاني.

خلال وجودنا في صالة التطعيم، وصلت الحكيمة ليندا النجار إلى الرقم خمسة عشر من اللذين أعطتهم اللقاح، لكن تلك الوخزة الخفيفة التي لا يشعر المطعّم بها تمر بمراحل من التجهيز والاستفسارات، تدخل صحيفة "فلسطين" في تفاصيلها: "بالبداية نسأل الشخص إن حدث لديه أعراض جانبية، وكانت إفادات الجميع أنه لم يحدث أي أعراض، ونسبة قليلة منهم أفادت بشعورهم بارتفاع درجة الحرارة لعدة ساعات ثم تلاشت".

"النجار" تحافظ على معايير السلامة في عملية التطعيم، أولا بارتداء القفازات وتعقيم الأدوات، وكذلك في التعامل مع اللقاح وفق معايير عالمية.

وتقول: "يُحفظ اللقاح بدرجة حرارة منخفضة (-20)، وبعد إخراجه من الصندوق لحرارة الجو فإنه يتطلب منا أن نكون قد استهلكنا العلبة خلال ساعتين، وهي تكفي لتطعيم خمسة أفراد".

وزير الصحة السابق د. باسم نعيم، الذي تلقى جرعة اللقاح الثانية، يثني على الجهود الصحية المبذولة في حماية المجتمع من تداعيات الفيروس، سواء من خلال الإجراءات أو بحملة التطعيم.

عن تجربته بتلقي جرعة اللقاح، عبر نعيم عن ارتياحه في حديثه لصحيفة "فلسطين" واصفا التجربة بـ"الجيدة والمريحة التي خلت من أي أعراض سلبية"، مشددًا في الوقت نفسه، على أن تطعيم أكبر عدد من المواطنين هو السبيل الوحيد لحماية المجتمع الفلسطيني من تداعيات أي نسخ جديدة من الفيروس، خاصة وأن "غزة حققت إنجازا كبيرا في مواجهة الفيروس، ولا بد من المحافظة عليه ومنع أي تراجع من خلال توجه المواطنين للحصول على اللقاح".

جولة فيروس جديدة

بحسب نائب مدير الإدارة العامة للرعاية الأولية بوزارة الصحة د. مجدي ضهير، فإن الوزارة استدعت من خلال البرنامج المحوسب، مَن مضى على تلقيهم الجرعة الأولى 21 يوما، من خلال رسائل نصية وصلت إليهم على هواتفهم، وسيتم الأمر تواليا لمن يمضي على تلقيه الجرعة الأولى عدد الأيام نفسه.

وأفاد ضهير لصحيفة "فلسطين" أن وزارة الصحة وابتداءً من أمس، دعت كل المواطنين من الفئة العمرية ما فوق 75 سنة للتوجه لمراكز التطعيم لتلقي اللقاح بهدف الوصول للفئات ذات الخطر الأعلى لحمايتهم من الفيروس وضمان سلامتهم، مقدرا عددهم –حسب السجلات المدنية– بنحو 16 ألف مواطن.

وأكد أن عملية التسجيل وإعطاء اللقاح تتم وفق برنامج محوسب يتم تصنيفهم حسب أولويات وزارة الصحة المعتمدة على معايير منظمة الصحة العالمية.

وكشف ضهير أن الوزارة ستتسلم غدًا 11 ألفًا و600 جرعة من لقاح "فايزر" الأمريكي المقدم من منحة من مؤسسة "كوفاكس"، مشيرا إلى أن ما هو مُؤمَّن حاليا من لقاحات تكفي لـ 30 ألف مواطن، في حين بلغ عدد من تلقوا اللقاح حتى صباح أمس أكثر من 6500 شخص.

وأكد أن الوزارة تستهدف تطعيم أكثر من مليون شخص للوصول إلى مناعة القطيع مع نهاية العام الجاري.

وعن ارتفاع منسوب الإصابات، قال ضهير: "نلاحظ بدء زيادة تدريجية طفيفة في أعداد الحالات التي تُسجَّل والتي تدخل للمستشفيات ما بين خطِرة وحرجة، وهي مؤشر واضح على أننا دخلنا بموجة ثانية ولكن ببطء شديد".

وأوضح أن الوزارة تتابع الأمر من خلال تعظيم جهوزية الكوادر الصحية بالمستشفيات، مؤكدا ضرورة التزام المواطنين إجراءات الوقاية لتثبيت الوباء وعدم الدخول بموجة عنيفة تؤثر في القطاع الصحي.