شكلت ولاية ترامب، التي استمرت أربع سنوات، عصرا ذهبيا لنتنياهو، نظرا للهدايا التي حصل عليها منه، ورفعت أسهمه بمعسكر اليمين، كالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لـ(إسرائيل)، ونقل السفارة الأميركية إليها.
كما عدت مسيرة التطبيع العربية الإسرائيلية عنصرا مهما في إظهار نتنياهو أمام الإسرائيليين زعيما قادرا على عقد سلام مع العرب بالقفز عن القضية الفلسطينية، وبات الإسرائيليون يطلقون على الزعماء العرب المتحالفين مع نتنياهو لقب "الليكوديون العرب".
فضلا عن توظيف نتنياهو إستراتيجية "المعركة بين الحروب" المتمثلة في استمرار الضربات الجوية في سوريا ولبنان وإيران لتعزيز صورته بين الإسرائيليين بأنه "سيد الأمن".
في الوقت ذاته تشكل الانتخابات القادمة بعد أيام قليلة محطة مفصلية في مسيرة نتنياهو، فعلى الرغم مما حققه من إنجازات في السنوات الطويلة السابقة، فإن التقديرات الإسرائيلية ترى بدء العد التنازلي لمغادرته، للعديد من الأسباب، لعل أهمها تنامي المعارضة له، وإن كانت متشظية، لكن ما يجمعها هو شعار "لا بيبي بعد اليوم".
هناك رغبة الإسرائيليين بضخ دماء جديدة بمقر رئاسة الحكومة، وشعورهم بأن نتنياهو مستعد لانتخابات عاشرة، من أجل أن يبقى زعيما لهم، مع زيادة الاحتجاجات ضده منذ عام، وتنامي الحشود الجماهيرية كل سبت أمام مقره تطالبه بالاستقالة، ويتوقع أن تزيد الأعداد كلما اقترب الاستحقاق الانتخابي، وعاد الحديث عن فتح التحقيقات الجنائية ضده.
يصعب تحييد العامل الخارجي المتمثل بوصول الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن إلى البيت الأبيض، وظهور بوادر توتر في العلاقة مع نتنياهو، ما سيجعل الإسرائيليين يخشون من تراجع علاقتهم بالحليفة الكبرى بسببه، فضلا عن عجز نتنياهو عن وضع حد لتفشي وباء كورونا بين الإسرائيليين، وما أسفر عنه من أزمة اقتصادية، قد تكون مسمارا جديدا في نعشه السياسي.
يتوافق الإسرائيليون على أن السنوات الطويلة التي قضاها نتنياهو في الحكم تحصلت له بسبب حيازته جملة من الأساليب السياسية التي تقترب من الأنظمة الدكتاتورية والملكيات الوراثية، لكنها أتت هذه المرة بـ"لباس ديمقراطي"، أو هكذا تهيأ للإسرائيليين، في الوقت ذاته، فإن تلك السمات والأساليب لن تمنح نتنياهو بوليصة تأمين تجعله مقيما دائما في مقر رئاسة الحكومة، في ظل زيادة المطالبات الإسرائيلية بطي صفحته في الانتخابات القادمة.
على الرغم من الأوصاف التي حازها نتنياهو لنفسه مثل: "ملك ملوك إسرائيل، والساحر، وذي الأرواح السبع"، فإن القناعات السائدة تعتقد أن عهده انتهى، لأنه تحول من ذخر لـ(إسرائيل) إلى عبء عليها، وأصبح حجر رحى حول عنق الليكود، وما يحتاج إليه الإسرائيليون الآن، مثل الهواء الذي يتنفسونه، هو دم جديد بديل عن نتنياهو، لأن وقته قد مر، وآن له أن يذهب لمنزله، أو إلى السجن.