وجه أحد الوزراء السابقين دعوة إلى المتحاورين في القاهرة يقول فيها: "نتمنى أن يمتلك المتحاورون الجرأة ويضعوا على رأس اهتماماتهم بحث الملف الأمني، خصوصاً مستقبل سلاح المقاومة، لأنه لا يمكن لمواطن أن يشعر بالطمأنينة والاستقرار في قطاع غزة أو الضفة الغربية ولا يمكن لحكومة أن تستقر، حتى مع تشكيل حكومة وحدة وطنية، ما دام هناك ترسانة من الأسلحة بيد الأحزاب والأفراد، وهؤلاء غير منزهين عن الهوى والعواطف والمصالح الخاصة والارتباطات الخارجية".
ليس من اختصاصي الخوض في مستقبل سلاح المقاومة، ولكنني أعرف حسب متابعتي لتصريحات قادة المقاومة أنه خط أحمر غير قابل للنقاش، ما دام هناك احتلال وحصار ولم يحرر الوطن أو يؤسس جيش فلسطيني يدافع عن الوطن والشعب وعن ثوابت وحقوق شعبنا الأصيلة، وليست كما تنص عليه اتفاقيات العار مثل أوسلو والمبادرة العربية للسلام ، ومع ذلك لا بد من مناقشة بعض "الاهتمامات" و"المخاوف" التي ذكرها الوزير السابق حتى لا نترك المواطن عرضة للتضليل في خضم الدعايات الانتخابية المبكرة، أو من أجل تحقيق أهداف لا نعلم بواعثها الحقيقية.
يقول صاحبنا: "إن الشعب لا يشعر بالطمأنينة والاستقرار في قطاع غزة لوجود ترسانة من الأسلحة الفلسطينية، وكذلك لا يمكن لحكومة أن تستقر"، إن غياب الطمأنينة والاستقرار لدى شعبنا ناتج عن وجود الاحتلال الإسرائيلي والحصار، وليس لوجود سلاح المقاومة، ولولا وجود المقاومة لكان المحتل يعربد في غزة كما يفعل الآن في الضفة الغربية، الكلام عن استقرار الشعب لا يشبه الكلام عن استقرار الحكومة، فنحن لسنا في دولة مستقلة حتى نتحدث عن حكومة مستقرة، ومن هنا لا يجوز تشبيه الوضع في غزة بالوضع في لبنان، ولا ننسى أن بعض ما أصاب الشعب في غزة كان بسبب سياسة الحكومة في الضفة، وهذا يعني أن الحكومة أيضًا غير منزهة عن الهوى والحزبية المقيتة والمصالح الخاصة.
في الختام نقول إن الوزير السابق لم يحدد هل يريد تدمير سلاح المقاومة أم نقل مسؤوليته إلى السلطة الفلسطينية أو منظمة التحرير، فإن كان الاحتمال الأول هو المقصود فهذا يعني أن الوزير أصابه مس ولا يجوز مناقشة طرحه، وإن كان الخيار الثاني مقصده فهذا يتطلب سلطة أو منظمة لا تعترف بشرعية الاحتلال، ولا تعترف باتفاقية أوسلو، ولا تعد المقاومة المسلحة فعلًا عبثيًّا لا طائل منه، وإلى حين تغيير واقع السلطة والمنظمة يبقى الحال على ما هو عليه.