باتت التقييمات الأمنية الإسرائيلية تتنبأ بتطورات الأوضاع الفلسطينية لليوم التالي لغياب محتمل لأبي مازن، وبالتوازي مع تكثيف وجود حماس في الشارع الفلسطيني إن مزيدًا من الشقوق تتفتح في أوساط السلطة قبل الانتخابات الرئاسية، والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية تتخذ خطوات في محاولة لمنع حماس من "رفع رأسها" في صناديق الاقتراع، وتستعد للسيطرة على ألسنة اللهب.
تعترف الأوساط الإسرائيلية أنه قبل الشروع في التحضيرات للانتخابات التشريعية والرئاسية إن نشطاء حماس يعانون الاضطهاد في الضفة الغربية من جيش الاحتلال الإسرائيلي والسلطة، ولا يستطيعون تعليق صورة أو علم يحملان شعار الحركة، في حين أن السلطة ما زالت لا تعرف كيف تحضر حملتها الانتخابية المقبلة، لذا هي مرتبكة قليلًا.
في حين يتلقى وزير الحرب بيني غانتس مراجعات دورية لما يحدث بالضفة الغربية، وسط اكتساب نشطاء حماس المزيد من القوة في الشارع الفلسطيني، وفي حالات أخرى بصورة مرعبة، وسيكون من الصعب جدًّا إعادة "الجني إلى القمقم"، لأنه بحسب رأي ضباط القيادة المركزية، إن مسؤولي السلطة وفتح منشغلون بالانتخابات، واليوم التالي لرحيل أبي مازن.
بينما يتحضر الفلسطينيون للانتخابات تتفكك الخطوط داخل فتح ببطء، للتأثير في وضعهم في اليوم التالي، وينوي عدد من قادتها الترشح على قوائم منفصلة مخالفة لتوجيهات أبي مازن، وهناك حديث فلسطيني أن السلطة تستعد لسيناريو تفوز فيه حماس بأغلبية الأصوات، ما يدفع جيش الاحتلال الإسرائيلي للاستعداد إلى كل هذه السيناريوهات، وكل ذلك يؤكد أن الأرض التي تجري عليها الانتخابات غير مستقرة على الإطلاق.
تعيش الضفة الغربية حالة احتكاك بين الفلسطينيين والإسرائيليين حتى دون الحملة الانتخابية، وهناك عدد غير قليل من نقاط التوتر الثابتة بينهما، ولذلك يمكن تقدير حدوث اضطرابات ميدانية، ليس من الواضح إلى متى، وإلى أي مدى، لكن جيش الاحتلال يستعد لأن تندلع الاشتباكات في أي لحظة، وفي الوقت الذي تبدو فيه فتح بالضفة الغربية مثل "الفريسة الجريحة"، فإن حماس قد تكون مفاجأة الانتخابات.
مع العلم أن نشاط حماس الاجتماعي في السنوات الأخيرة بين الطلاب والعائلات المنكوبة بدا واسعًا جدًّا، في الوقت الذي توقفت فيه التبرعات المقدمة للسلطة من المجتمع الدولي، وهكذا تطور الرأي السائد في الضفة الغربية بأن السلطة ليست فاسدة فحسب، بل غير مفيدة للحياة اليومية.
كل ذلك يؤكد أن المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية ترصد نقاط الضعف التي تعكس وضع فتح، وبعث كبار أعضاء قادة الجيش والمنظومة الأمنية برسائل لنظرائهم في السلطة الفلسطينية، خوفًا من سيطرة حماس على مراكز السلطة، لأنه إذا فازت في الانتخابات، فإنها ستؤدي إلى واقع تزيد فيه الحركة من قوتها، ما يتطلب نوعًا مختلفًا من الانتشار الأمني الذي عرفناه في السنوات الأخيرة.